الخميس، 28 أبريل 2011

الوتيرة ُالمتسارعة

الوتيرة ُالمتسارعة
كتب: نادر بكار

الوتيرة هي الطريقة المطردة ، يقال: ما زال فلان على وتيرة واحدة، أي على طريقة واحدة ونظام واحد ،ويقال: ما زال فلانٌ على وتيرة من أمره، أي على طريقة واحدة ٍواستقامة ، فإذا ما وصفنا الوتيرة بأنها متسارعة عُرف باللزوم أن ثمة َ ما طرأ عليها فأثمر لها سرعة ً جديدة.
ووتيرة ظهور الإسلام ثم التمكين له بدأت بنظر الله إلي الدنيا وهي تموج بالجاهلية الجهلاء فمقتها عربها و عجمها إلا بقايا من أهل الكتاب ظلوا مستمسكين بالحق ، فكان أن أذن الله ببعثة نبيه صلي الله عليه وسلم ، فنجا من الناس من آمن به وسقط في الهاوية من لم يرفع بذلك رأسأً ، وصدع رسوله صلي الله عليه وسلم بالحق غير آبهٍ بصنوف الإيذاء التي لاقاها، ولاقي المسلمون من العذاب ما تشيب لهوله الولدان غير أنهم أ ُمروا بادئ تعرضهم للأذي بضبط النفس و كف الأيدي ، فما زال هذا ديدنه وديدنهم حتي أ ُمر صلي الله عليه وسلم بالهجرة و تبعه في ذلك رعيل الإسلام الأول زرافاتٍ ووحداناً .
وما أن إستقرالمقام بالمهاجرين في المدينة، و أخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم في التوطأة للدولة الإسلامية الوليدة ،حتي كانت (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) أوّل آية أنزلت في القتال تمثل أول تصعيدٍ لوتيرة إنتشار الإسلام وظهوره علي غيره من الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ، فأذن الله سبحانه لأوليائه الذين مزقوا كل ممزق أن يدفعوا عن أنفسهم البغي و العدوان بعد صبرٍ علي الإقصاء والإضطهاد عقداً كاملاً من عمر الزمان.
وبينما المسلمون الأُُول يلتقطون أنفاسهم ويرتبون أوراقهم ، إذ سمعوا بنبأ عيرِ أبي سفيان كما هو معروفٌ مشتهرٌ ، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم و النفر القليل من أصحابه لا يلوون علي شيئٍ إلا علي الظفر بأموال قريش ٍ تعويضاً مشروعاً عما خلفه المهاجرون ورائهم في مكة من أموالٍ ومتاع.
إلي هنا و الأمور كانت تسير علي وتيرة منتظمة وتخطيطٍ إسلامي ٍ يهدف في مداه البعيد إلي إظهار كلمة الله علي كل أخضرٍ ويابس بإنتهاج التدرج في التغيير كما تشربه الصحابة في العهد المكي ، و الظفر بأموال تجارة قريش كان (تكتيكاً ) مهماً في هذه المرحلة لتقوية ساعد المسلمين من جهة وتوجيه ضربةٍ إقتصادية ٍ قاصمة لظهر القرشيين من جهةٍ أخري ، لكن الأمور سارت علي غير ما هوي المسلمون و توقعوا.
فحين خرج المسلمون غير آخذين حذرهم ولا متحرفين لقتال ما يقصدون إلا عير أبي سفيان غنيمةً باردةً فجأهم أن الله تعالي قد قضي أمراً مفعولاً ، و بوغت المسلمون بقريشٍ قد خرجت إليهم بحدها وحديدها بطراً ورئاء الناس ، قد تهيأ فرسانها واستعدوا للصدام المروع.
وهنا نفهم قول الله تعالي (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) في سياق تسارعِ وتيرةِ التمكين للمسلمين يوم بدر، علي غير إختيارِ من الفئة المؤمنة الوحيدة الموجودة في الدنيا يومئذٍ، فإمام المفسرين الطبري يحكي لنا في تفسير هذه الآية التي أتت في معرض تصوير سورة الأنفال لملحمة بدر فيقول :
( ولو كان اجتماعكم في الموضع الذي اجتمعتم فيه، أنتم أيها المؤمنون وعدوكم من المشركين، عن ميعاد منكم ومنهم، "لاختلفتم في الميعاد"، لكثرة عدد عدوكم، وقلة عددكم، ولكن الله جمعكم على غير ميعاد بينكم وبينهم ،"ليقضي الله أمرًا كان مفعولا"، وذلك القضاء من الله كان نصره أولياءه من المؤمنين بالله ورسوله، وهلاك أعدائه وأعدائهم ببدر بالقتل والأسر ، كما حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: "ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد" ، ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم، ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم، ما لقيتموهم، "ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولا" ، أي: ليقضي الله ما أراد بقدرته، من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وأهله، عن غير مَلأ منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه) انتهي كلامه.
ويريد بقوله (عن غير مَلأ منكم ) أي عن تشاور واجتماع ففي حديث عمر حين طعن : " أكان هذا عن ملأ منكم ؟ " ، أي : عن مشاورة من أشرافكم وجماعتكم .
فلو كان المسلمون علي علم ٍ بأن أبا سفيان قد أخذ العير في ناحية البحر فراراً منهم لأقتفوا أثره إلي هناك ولخلفوا جيش المشركين تفادياً لإشتباكٍ غير متكافئ ، ولما تعين عليهم القتال و الحال كذلك ، فذلك قوله سبحانه (لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ) لكراهة الصحابة القتال علي حالتهم تلك من القلة وعدم إعدادهم شيئاً من العدة ، وانحصار هممهم في الظفر بعير أبي سفيان، وذلكم ماعنينا بالوتيرة المتسارعة .
فإن وتيرة الإصلاح التي تواطأت علي فهمها جموع العلماء والدعاة في أصقاع العالم الإسلامي المختلفة ، لا تعرف إلا التدرج في الدعوة إلي سبيل الحق ، مع الصبر علي الأذي و الصد عن سبيل الله الذي مارسه ولازال طغاةٌ كثيرةٌ أعدادهم في أوطان المسلمين ،و استفراغ الوسع في تحصيل الأسباب (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ) للتخلص من الوهن المستشري في جسد الأمة ونفض الغبار عن وسام (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ).
لكن المليك المقتدر أذن بتسارع هذه الوتيرة ، فكان لابد للموازين أن تنقلب رأساً علي عقب ،وتزول عروش الطغاة في أيام ٍ معدودات . تونس في المقدمة وتلتها مصر ولازالت ليبيا علي رأس المرشحين للإنضمام إلي القائمة وتظهر اليمن و سوريا وربما الأردن غير بعيد ،في تسلسل ٍ ماكان للعقول تصور حدوثه بَلْهَ التخطيط له، فكان أن فتسارعت معها الأنفاس مبهورةً ما تستطيع إلي مجاراة الأحداث من سبيل .
والله سبحانه إذا أراد شيئاً مهد له أسبابه ، ولربما أيدَّ دينه بالرجل الفاجر وبأقوامٍٍ لاخلاق لهم ، ومن جنس ذلك فيما نري ، أن يكون الظلم والطغيان و الصد عن سبيل الله سبباً مباشراًمن حيث لا يدري آل الدعوة أو يحتسبوا ، في تسارع الوتيرة وتلاحق الأحداث المنذرة بقرب تحقق ما أخبر به الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم ونقله لنا تميم الداري رضي الله عنه :

)لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ (

فتقفز الدعوة الإسلامية إلي الأمام عشرات الخطوات فضلاً من الله ومنّة ، وتنتهز هذا التسارع في وتيرة عملها ، لتسعي بخطي ً حثيثة قدماً علي درب قيادة العالم بأسره إلي بركات تُفتح في الدنيا من فوق الرؤوسم ومن تحت الأرجل وإلي جنةٍ في الآخرة قد حسنت مستقراً ومقاما.








الاثنين، 18 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

الإصلاح السياسي

تطبيق نظام الشوري وتفعيله علي الوجه الذي يحقق قمة الإصلاح السياسي فيقي البلاد من تبعات حكم ٍ استبدادي لا يعرف حرية إبداء المخالف رأيه في إطار النهج الإسلامي الأصيل الذي يعامل رأس النظام السياسي في البلاد علي إعتباره خادما للشعب يسهر علي خدمته و يحقق أمنه و رخاءه ، و بما يمكن أهل الحل و العقد من محاسبة و تقويم كل مسئول إذا ما أخل بالمهمة الموكلة إليه
مع العمل علي تحرير الإرادة السياسية للبلاد بإعتبارها دولة ً ذات سيادة ٍ كاملة ، لا تخضع لأي إملاءات خارجية و تستعلي علي أي مساعدات أو منح أجنبية تهدف إلي تقزيم دورها الحيوي الذي يمليه عليها انتمائها إلي أمتها الإسلامية ومنطقتها العربية و قارتها الإفريقية و ثقلها الحقيقي عالميا

الاثنين، 11 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

3- الإصلاح التعليمي :

الإسهام في تطوير العملية التعليمية تطويرا ً حقيقيا ً ابتداء ً من مراحله الأساسية و انتهاء ً بالبحث العلمي ، بالسعي إلي تحقيق مناخ تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع الواحد لتحصيل الحد الأدني من التعليم المحقق لمتطلبات سوق العمل ، و ضمان النزاهة في إختيار أساتذة و عمداء الكليات المختلفة ، و السعي إلي الإستفادة من تجارب الدول الرائدة في مجال البحث العلمي و تطوير التعليم و نقل ما يتوافق منها مع أحكام الشريعة الإسلامية.

الجمعة، 8 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

2- الإصلاح الديني
الإهتمام بتحرير إرادة الأزهر باعتباره قمة المؤسسة الدينية في مصر من أي سلطة ٍ خارجية تعيقه من الإضطلاع برسالته المقدسة و التأكيد علي حرية الإنتساب إلي جامعاته لكل أطياف الشعب المصري . ترشيد الخطاب المنبري عبر السعي إلي رفع الكفاءة العلمية الشرعية لخطباء و أئمة المؤسسة الدينية المصرية و عودة المساجد إلي سابق دورها في لم شمل أبناء الوطن في كل حي ٍسكني و مساهمتها في بث الروح الإسلامية و الوطنية الأصيلة في روع الشباب المصري وقاية ً لهم من الوقوع في مزالق الحملات التغريبية وغيرها من الحملات الساعية عن سلخ الشباب المصري عن حقيقة انتمائه وولاءه

السبت، 2 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

1- الإصلاح الإقتصادي :

رؤية إصلاحية شاملة لإصلاح المناخ الإقتصادي بتغليب مصالح الفقراء و طبقات الشعب الكادحة ضمانا ً لتحقيق العدالة الإجتماعية مع الإلتزام بقواعد و آليات إقتصاد السوق الذي يرفض و ضع القيود و العراقيل أمام الإستثمار بكافة صوره المتماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية سواءٌ في ذلك الإستثمار الأجنبي أو العربي ، مع تشجيع المشاريع الصغيرة و المتوسطة تشغيلا ً للأيدي المعطلة و إنعاشاً للإقتصاد المصري علي طريق عودته لسابق قوته.
جنبا ً إلي جنب مع تفعيل نظامي الزكاة و الأوقاف الإسلاميين لتقليل الهوة السحيقة بين موسري البلاد و فقرائها وتحقيق التضامن الإجتماعي