السبت، 31 ديسمبر 2011

مقال اليوم السابع ( حوار الثقافة)

ثقافة الحوار
إذا كانت مصرتمرالآن بمرحلة فارقة تعيد فيها ترتيب أوراقها و يكتب فيها أبناؤها من كل الفصائل و التيارات تاريخها ، فإن حاجتنا إلي إنشاء مساحات ٍمن التفاهم والتعاون تتعاظم أكثر من أي وقت ٍمضي ، وأزعم ان البداية لن تكون أبدا ًبغير الحوار.
وطالما ارتضينا الحوار وسيلة ً للتقارب فحتماً سيلحظ الكثيرون أن ثمة خللا ً واضحا ً في تحرير معني الحوار ، أو بالأحري أن قطاعا ًعريضا ًمن المتحاورين علي الساحة المصرية يفتقر إلي ( ثقافة الحوار) .
أضرب لكم مثلا ًبأغلب المتحاورين علي شاشات التلفاز أيامنا هذه ، كيف ترتفع أصواتهم بالتشغيب علي الآخر بغير انتقادٍ موضوعي لمنهجه أو لطرحه، والمتضرر الوحيد في ظني من هذا السجال غير الفكري هو المواطن المصري الذي يرقب عن كثب هذه المحاورات ولا يكاد يخرج منها بغير طنين الصوت العالي.
في حين أنك لو تأملت معي كيف ضرب القصص القرآني أمثلة ً متعددة تخط لنا طريقا ًهو الأمثل أن نقيس عليه ثقافة الحوار ، فلربما تحمست مثلي لنقلها وبثها في العالمين علنا نصل إلي طريقةٍ أرقي للحوار.
فلا يمكن أن ينمحي من ذاكرة التاريخ أبدا ًمشهد نبي الله موسي إذ يقف وحده ممثلا ًللحق المطلق يحاور باطللا ًلا يختلف اثنان علي جبروته وظلمه ، ورغم أن موسي قد علم سلفا ًحكم الله سبحانه بشأن الفرعون ( إنه طغي) لكنه اتبع أمر ربه (فقولا له قولا ليناً) فطفق موسي يشرح منهجه للطاغية وحاشيته غير عابئ ٍ بسباب الفرعون أو تجريحه ( إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون).
بل وحتي في محاورته للسحرة أنفسهم وما اجتمعوا وقتها إلا للنيل منه علي رؤوس الأشهاد حرص (موسي) عليه السلام مرة ثانية علي البدء بالحوار فنصحهم بقوله: ( ويلكم لا تفتروا علي الله كذباً ).
( ثقافة الحوار) تتجلي في صورة ٍأخري لا تقل عن هذه روعة ً، حين يصر نبي الله
( شعيب) علي استكمال حواره مع قومه رغم سبق تطاولهم و سخريتهم اللاذعة إذ يتهكموا عليه بقولهم ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، فيصل حرصه من خلال الحوار علي الوصول إلي نقطة تفاهم حتي ولو أدي به ذلك أن يتغافل عن تجريحهم (لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح) رغم أنهم أجرموا في حقه وحق أنفسهم بعداوته ، لكنه أراد أن لا تكون عداوتهم له سببا ًفي صدهم عن الحق ، بل يتمادي في نصحه أكثر وأكثر (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود)فأي ُ منطقٍ في الحوارهذا؟
هل يمكن ان نري نماذج راقية في الحوار نلتزم فيها التركيز علي تقديم المعلومة المفيدة والحرص علي البحث عن المشترك بدلاً من الإصرار علي النيل من الآخر والحط من شأنه ، فيسمع كل محاور رأي غيره بهدوء ثم يصلا في نهاية المطاف ولو إلي نقطة اتفاق واحدة.
وبالمناسبة لو كانت نقطة الاتفاق بين الجميع هي إقرار ثقافة ٍللتحاور...فأجزم أن الأمر سيصبح جديرا ً بالـتأمل ، و...والحوار!

مقال اليوم السابع ( حوار الثقافة)

ثقافة الحوار
إذا كانت مصرتمرالآن بمرحلة فارقة تعيد فيها ترتيب أوراقها و يكتب فيها أبناؤها من كل الفصائل و التيارات تاريخها ، فإن حاجتنا إلي إنشاء مساحات ٍمن التفاهم والتعاون تتعاظم أكثر من أي وقت ٍمضي ، وأزعم ان البداية لن تكون أبدا ًبغير الحوار.
وطالما ارتضينا الحوار وسيلة ً للتقارب فحتماً سيلحظ الكثيرون أن ثمة خللا ً واضحا ً في تحرير معني الحوار ، أو بالأحري أن قطاعا ًعريضا ًمن المتحاورين علي الساحة المصرية يفتقر إلي ( ثقافة الحوار) .
أضرب لكم مثلا ًبأغلب المتحاورين علي شاشات التلفاز أيامنا هذه ، كيف ترتفع أصواتهم بالتشغيب علي الآخر بغير انتقادٍ موضوعي لمنهجه أو لطرحه، والمتضرر الوحيد في ظني من هذا السجال غير الفكري هو المواطن المصري الذي يرقب عن كثب هذه المحاورات ولا يكاد يخرج منها بغير طنين الصوت العالي.
في حين أنك لو تأملت معي كيف ضرب القصص القرآني أمثلة ً متعددة تخط لنا طريقا ًهو الأمثل أن نقيس عليه ثقافة الحوار ، فلربما تحمست مثلي لنقلها وبثها في العالمين علنا نصل إلي طريقةٍ أرقي للحوار.
فلا يمكن أن ينمحي من ذاكرة التاريخ أبدا ًمشهد نبي الله موسي إذ يقف وحده ممثلا ًللحق المطلق يحاور باطللا ًلا يختلف اثنان علي جبروته وظلمه ، ورغم أن موسي قد علم سلفا ًحكم الله سبحانه بشأن الفرعون ( إنه طغي) لكنه اتبع أمر ربه (فقولا له قولا ليناً) فطفق موسي يشرح منهجه للطاغية وحاشيته غير عابئ ٍ بسباب الفرعون أو تجريحه ( إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون).
بل وحتي في محاورته للسحرة أنفسهم وما اجتمعوا وقتها إلا للنيل منه علي رؤوس الأشهاد حرص (موسي) عليه السلام مرة ثانية علي البدء بالحوار فنصحهم بقوله: ( ويلكم لا تفتروا علي الله كذباً ).
( ثقافة الحوار) تتجلي في صورة ٍأخري لا تقل عن هذه روعة ً، حين يصر نبي الله
( شعيب) علي استكمال حواره مع قومه رغم سبق تطاولهم و سخريتهم اللاذعة إذ يتهكموا عليه بقولهم ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، فيصل حرصه من خلال الحوار علي الوصول إلي نقطة تفاهم حتي ولو أدي به ذلك أن يتغافل عن تجريحهم (لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح) رغم أنهم أجرموا في حقه وحق أنفسهم بعداوته ، لكنه أراد أن لا تكون عداوتهم له سببا ًفي صدهم عن الحق ، بل يتمادي في نصحه أكثر وأكثر (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود)فأي ُ منطقٍ في الحوارهذا؟
هل يمكن ان نري نماذج راقية في الحوار نلتزم فيها التركيز علي تقديم المعلومة المفيدة والحرص علي البحث عن المشترك بدلاً من الإصرار علي النيل من الآخر والحط من شأنه ، فيسمع كل محاور رأي غيره بهدوء ثم يصلا في نهاية المطاف ولو إلي نقطة اتفاق واحدة.
وبالمناسبة لو كانت نقطة الاتفاق بين الجميع هي إقرار ثقافة ٍللتحاور...فأجزم أن الأمر سيصبح جديرا ً بالـتأمل ، و...والحوار!

الأحد، 4 ديسمبر 2011

مقال جريدة النور الجديد: محاكم التفتيش!

(محاكم التفتيش ) تبقي دائما ًسُبة في جبين الأوربيين، من فرط ما اقشعر لها بدن التاريخ وتحاكي الناس بفظاعتها قرونا ًوتناقلت الأجيال جرائمها كابراً عن كابر.
لكن إذا كان مصطلح (محاكم التفتيش) قد ارتبط في الأذهان بمحاكماتٍ صورية نصبها الأسبان لأهل الأندلس مسلمين كانوا أو يهودا ً علي أساسٍ الهُوية ، آلت إلي تعذيبٍ يشيب لهوله الولدان ، أو قتل ٍ بأبشع الوسائل ، أو علي أحسن تقدير إلي إبعادٍ قسري للأندلسيين عن أرض آبائهم وأجدادهم ....فنحن اليوم بصدد محاكم تفتيشٍ جديدة ، لكنها من نوعٍ فريد لم يكتف مبتكروه بمصادرة آراء مخالفيهم فحسب وإنما تعدوا ذلك إلي حد أن يحاكموا شعباً بأكمله لأنه أخطأ بزعمهم ورسب في اختبار( الديمقراطية ) إذ يعطي الإسلاميين صوته واثقا ًفي أمانتهم ، ومعتمدا ًعلي استقامة سيرتهم.
( محاكم تفتيش جديدة ) تشهدها مصر بعد نتائج المرحلة الأولي من الإنتخابات التشريعية ،القضاة ُفيها هم الليبراليون وحدهم ..ويشاركهم ( البغي) كل من امتلأ قلبه علي الإسلاميين غيظا ًوكمدا ً ..... (محاكم تفتيش) لا يحق لك فيها أن تدافع عن نفسك ولو دافعت فلن يستمع لقولك أحد ، ولو استمعوا فمن ذا يُنصفك، وإذا حكموا عليك فلا حق لك في طعن ٍأو استئناف .. لسان حالهم :
بغاة ظالمين وما ظلمنا *** ولكنــــــــــــا سنبدأ ظالمينا
لماذا يصر ُ الليبراليون علي تكرار مأساة الجزائر بكل فصولها ، وكانهم يؤكدون للدنيا أن الديمقراطية مقبولة طالما كانت بمعزل ٍعن الإسلاميين تحديدا ً ، (فاشية ٌ) في التفكير ما كنت أعتقد أن يُصرح بها الليبراليون بهذا الوضوح في بلاد ٍخرجت لتوها من رحم ثورة ٍعاتية اتت علي أخضر الظلم ويابسه وازاحت طغاة ًجثموا علي صدور المصريين عقودا ....( فاشية) لأن الديمقراطية تظل مقبولة ً مستساغة عند القوم طالما كانت حكرا ًعليهم ، أمّا لوحاز الإسلاميون قصب السبق ، فسيكشر الليبراليون عن أنيابهم ويهيمون في كل وادٍ والشرر يتطاير من أعينهم يرفعون عقيرتهم بلعن الديمقراطية التي كشفت إفلاسهم وخسارتهم أمام رهان الشعب علي الإسلاميين .
أستميحك عذراً أن تتتحامل علي نفسك لتتابع معنا وقائع (محاكم التفتيش) في أي قناة ٍفضائية أو جريدة سيارة يومية تشاء، وتحامل علي نفسك أكثر وجرب أن تقبع معنا خلف الأسوار لتستقبل سيلاً منهمرا ً من الأسئلة سيمطرك بها (قضاة التفتيش) ، والمطلوب منك أن تجيب عليها بما يعتقده سدنة الليبرالية حتي لو خالف دينك وهويتك وما تربيت عليه طيلة عمرك ، وإلا فالويل لك، كل الويل ....لن تسلم من اتهام ٍ بالرجعية والتخلف والجهل ومن ثم يُحكم عليك فوراً بالطرد والإبعاد علي طريقة ( أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنهم أناس ٌيتطهرون)!
لزاماً عليك إذن ، لو أردت مكاناً تحت شمس ( الفاشية الليبرالية) التي يتحاكم إليها قضاة ( محاكم التفتيش الجديدة) أن توافق علي تسمية الإلحاد فنا ً، والتطاول علي الشريعة أدباً رفيعاً ، والتعري حرية ًشخصية ، والتنصل من العقيدة تقدما ًوتنويراً .
تكلمهم عن الإستقراروبناء البلد من جديد ويأبون إلا الفوضي التي أسموها خلاقة ... تتحاور معهم لتصل إلي توافق فيصرون علي الإختلاف ، تمد إليهم يدك لنتعاون علي البر والتقوي فما يزيدهم غير عنادٍ واستكبار ، فمال ِهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديث الديمقراطية إلا حينما يوافق أهوائهم؟ ...ألم أقل لك (محاكم تفتيش)!

الأحد، 27 نوفمبر 2011

عقلية القهر

نزول أبناء حزب النور إلي ميدان التحرير إبان الأسبوع المنصرم كان حتمياً لأسباب ٍ متعددة ، يأتي علي رأسها أن الوضع في ميدان التحرير تحول إلي ما يشبه مذبحةً مصغرة ً نكلت فيها أجهزة الأمن بشباب ٍ في عمر الزهور قتلا ًوسحلا ًوتعذيباً ، بل وحتي الفتيات لم يسلمن من البطش والتنكيل ، وكل ذلك لأن أجهزة الأمن مازالت مصرة ً علي التحلي بروح ( إنا فوقهم قاهرون) بكل حذافيرها ....عقول وضمائرُ رجال الشرطة مازالت ممتلأة ًكبرا ًوتعاليا ً، إذ تظن نفسها قادرةً بنفس أسلوبها القديم علي قمع كل من تسول له نفسه مخالفة أمرها بمنتهي الوحشية ،ويجب ساعتها علي الناس أن تقف صامتة ًلا تحرك ساكنا ً، وإلا فقل لي بربك كيف يمكن أن نفسر مقتل أربعين شابا ً وإصابة الآلاف أغلبهم بعاهات ٍمستديمة في غضون أربعة أيامٍ فحسب من جراء فض اعتصام ميدان التحرير إلا بأن نفسية وعقلية القهر مازالت هي التي تدير الأمور في أجهزة الأمن؟
كان لزاما ًعلينا إذن النزول إلي ميدان التحرير ونحن نري الظلم يكشر عن أنيابه ليفترس أبناء جلدتنا بغير ذنب ٍ اقترفته أياديهم اللهم إلا التعبير عن آرائهم التي لا تروق كثيرا ًلمتخذي القرار ، كان لزاماً علينا أن نلقي وراء ظهورنا أوهام الخوف التي استبدت بنفوس البعض وصورت لها أن السلامة أولي وأن الأمر ما يلبث أن ينجلي وتعود الأمور إلي سابق عهدها ....و للأسف الشديد ما تزال طائفة ٌ من الناس كثير ٌ عددها لم تستوعب بعد أن الدور سيأتي عليها حتما ً لامحالة ليفترسها الظالم بغير رحمة إن لم تقف الآن في صف المظلوم أياً كان انتماؤه ووجهته ، لم تستوعب أن الظلم لا يتجزأ بل يمتد ليشمل الجميع طالما لم يزأر في وجه الظالم أحد ، بل إنها حتي لم تستوعب أن أفضل الجهاد كلمة حق ٍ عند سلطان ٍجائر فبخلت بتوجيه نقدٍ صريح ل(لمجلس العسكري) توبخه فيها علي صمته المريب ودماء الأبرياء تهراق أنهاراً ، وحجة هذه الطائفة المحافظة علي استقرار البلاد وحمايتها من الوقوع في دوامات الفوضي.
نعم ..أتفهم أن أبناء التيار الإسلامي تحديداً معرَّضون أكثر من غيرهم لتحمل تبعات أي أزمة قد تندلع في البلاد ، لذا ينبغي عليهم توخي الحرص والحذر قبل الإقدام أو الإحجام ، لكن الذي أتعجب له حقيقة ً أن يتحول الحذر إلي جبن ٍوتخاذلٍ نسوغ لأنفسنا التلبس بهما ونحن نزعم أن هذا هو الأفضل لمصلحة باقي أبناء الوطن ، ولسان حالنا يردد : فليذهب المعتصمون في التحرير إلي الجحيم لو اقتضي الأمر لنحافظ علي أمةٍ بأسرها....فهمٌ مغلوط عارٌ علينا ان نلتزم به ، لا أقول أن ثورة يناير تكذبه ، بل الشواهد من حولنا كلها تطعن في مصداقيته ، لأن من يجسر علي الفتك بالضعفاء في ميدان التحرير – حتي لو سلمنا أنهم من وجهة نظرنا مخطأون باعتصامهم- من الذي سيحول بينه وبين الفتك بكل أبناء التيار الإسلامي بعد ذلك بنفس فعقلية ( إنا فوقهم قاهرون) ؟ أكره أن استعمل مثالا ًبلي من كثرة تكراره ، لكني لا أجد شاهداً علي ما أقول غير ( أ ُكلت يوم أ ُكل الثور الأبيض)!
ثم إن التيار الإسلامي بكل أطيافه لا بد وأن يتخلص من حالة الإنفصال النفسي التي اختارها بينه وبين باقي أبناء شعبه وإلا فإن ميدان التحرير قد امتلأ عن آخره بأطياف ٍ شتي من الشباب أنا علي يقين أنها لا تعبر عن هوية أو تفكير الغالبية العظمي من شعب مصر ، فكيف تترك لهم ساحة التحريريصورون للدنيا بأسرها أنهم وحدهم القادرون فيها علي النضال ومن ثم إذا ما تكلموا لا بد أن يُسمع لقولهم دون غيرهم ؟

المندوب السامي!

انتابني شعور غريب بأنه لن يكون ثمة َكبير فارق ٍ من حيث المبدأ بين طرح وثيقة (السلمي ) في حقبة ما بعد الثورة ، وبين نفس الوثيقة لو كان قرأها علينا (المندوب السامي) إبان فترة رزوح مصر تحت الوصاية البريطانية ، ففي الحالتين كلتيهما لا يطلب منا إلا أن نسمع ونطيع بغير مناقشة ، وإلا فالدبابات البريطانية ستحاصر قصر الملك في حالة ( المندوب السامي ) ، ولا ندري بعد ما الذي ينتظرنا من الويل و الثبور وعظائم الأمور في حالة ( السلمي)!
لذا فأنا أجزم أن أن عقلية (المندوب السامي )البريطاني كانت مسيطرة ًبشدة علي نفس وفكر من خط بيمينه وثيقة (السلمي) التي اصطُلِح شعبيا ًعلي تسميتها ب(وثيقة العار)، في محاولة يائسة لإستحضار روح (ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) الفرعونية العتيدة ، التي تأنف أن يشارك الرعية في صنع القرار أو إبداء الرأي.
ولأن النخبة التي أتحفتنا بالوثيقة ما آنست بعد من الشعب المصري رشداً ، ولأنها تعتبره غير قادر علي تحيد مصيره بنفسه، لذا تبذل الآن وسعها في إقناع الشعب المصري أنه حيران استهواه الإسلاميون وضللوه، ووحدها النخبة الليبرالية المزعومة هي التي تدعوه إلي الهدي ائتنا .
فإذا ما تجشمت العناء ياسيدي الفاضل واستعنت بالله وبدأت في مطالعة بنود الوثيقة كي لا تتهمك النخبة بانك ظلامي هلامي انهدامي...إلي آخر ما هنالك ، لتقلصت أمعاؤك من فورها ، وأنت تستعرض ستة مواد كاملة تحذرك أن تفكر مجرد التفكير في تعديل أو مناقشة ،أو- لا سمح الله - المطالبة بعد ذلك بإلغاء هذه الوثيقة المقدسة ، لا أنت و لا أحفادك ..أطال الله في عمرك!
ثم تُفجع بموادٍ تصنع من المجلس العسكري إلها ً فوق المحاسبة ،إذا قضي أمرا ًفينبغي علي الجميع السمع و الطاعة بغير مناقشة ٍ أو تفكير.
تعلمُ كم دأب الليبراليون علي إمطارنا صباح مساء بكلمات الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان - وهم يعلمون قبل غيرهم أن الإسلام احتوي كل ذلك وزاد عليه – فتُبهت أن وثيقة السلمي ناضحة ٌ بكل ما يخالف الحرية و الديمقراطية التي صدعوا بها رؤوسنا مخالفة ًصارخة ، بل تشبعها قتلا ً، ثم يملأون الدنيا بعد ذلك ضجيجا ً يحكون للناس كيف أن الإسلاميين لا يريدون التفاوض ولا يفهمون لغة الحوار!
ولكي تصبح المسألة أكثر إقناعا ًلرجل الشارع البسيط المغلوب علي أمره ،كان ينبغي أن تعترض بعض الأحزاب و التيارات علي مواد تقديس المجلس العسكري ، وبعد طول إلحاح في وسائل الإعلام يرضي (المندوب السامي) ...آ .. آسف أقصد د .السلمي بالنزول علي رغبة الجماهير ، طبعا ً من منطلق أن من تواضع لله رفعه ، وأن الإعتراف بالحق فضيلة ، ومن ثم تختفي المادة المثيرة للجدل التي عُلم ابتداء ًأنها ستغير، ليتبقي أمام الناس أن الإسلاميين ليس لديهم مبرر هذه المرة ولابد أن يقبلوا بالبنود المعدلة أذلة ًوهم صاغرون!
خبث ٌ أري استحالة أن يكون صناعة ًمصرية ًخالصة ً!! ربما التعبئة و التجميع وقطع الغيار ...إنما ثمة توليفة شيطانية من الخبث بالنكهة الأوروبية والمذاق الأمريكي الفريد تطغي علي الوثيقة من قمة رأسها وحتي أخمص قدميها.
لكن المكر السيئ لا يحيق في النهاية إلا بأهله ، وعلي الباغي تدور الدوائر، و توفيق الله سبحانه مع ضبط النفس وحساب الخطوات سيكون عاملا ًحاسما ًبلا شك في نهاية المطاف .

هل سنكتب التاريخ ؟ (3-3)

هو ذا إذن يا رسول الله – صلي الله عليه وسلم- حديثك يتحقق بحذافيره .. فوعد ربك أن لا يستأصل شأفة أمتك عدوٌ من خارجها قد تحقق ولا يزال ، أما أن يكون بأس أبنائها بعضهم علي بعض شديد الضراوة ، فقد حدث للأسف تماما ًكما حذرت.
ولعمر الله لم تنجح خطة ( فرق تسد) مع أحدٍ من العالمين كما نجحت كلما جربت ضد المسلمين علي اختلاف العصور، فدائما ما يجد التربة خصبة ممهدة أيُ شيطان ٍ يريد التحريش بيننا ، دائما ًما نساعده علي النيل منا ببراعةٍ لا يبارينا فيها أحد ، رغم أننا نحفظ جيداً ( واعتصموا بحبل الله جميعا ًولا تفرقوا).
لذا كانت عبقرية الرجال أصلٌ أصيل في كتابة التاريخ.... وعبقرية الرجال تتجلي حينما يسمو الرجال فوق أهوائهم ويرتفع صوت العقل في أعماقهم، ويبذل كل واحدٍ منهم وسعه ، ويلين في أيدي إخوانه ويتغافل عن زلاتهم ويقيل عثراتهم ، فساعتها حدث عن النصر و الفتح القريب، أما بغير ذلك ...فلا تضيع وقتك فستذهب اللحظة النادرة و لا شك.
عن الرجال العباقرة إذن نبحث ، عن الرجال القادرين علي وضع أهوائهم ورغباتهم تحت النعال لو اقتضي الأمر في سبيل هدفهم الأسمي الذي لأجله استعملهم ربهم ، رجال لو كان مجد أمتهم في الثريا ...في أعلي عليين ..لنالته أياديهم.
رجالٌ من عينة نبي الله شعيب ، إذ يحذر قومه مشفقا ًناصحا ًأمينا ً: (يا قومي لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هود ٍأو قوم صالح) فلا يريد أن تكون عداوة قومه له سبباً في صدهم عن الهدي الذي وُكل بإبلاغه ، ورغم أنهم قد أجرموا في حق نبي ٍبعداوته علي هذا النحوإلا أن تركيزه لم يزل معلقا ًبدعوتهم فأي تجردٍ هذا؟
رجال ٌمن معدن خالد بن الوليد إذ يكتب التاريخ و العالم من حوله مشدوه كيف تهرول أمامه جحافل الجيش الروماني تلعق جراحها والدنيا تنتظر أن يكلل جبين خالد القائد المظفر بأكاليل الغار إذا بأمر القيادة العليا ينزل علي النفوس كالصاعقة بعزل خالد...فيضرب رضي الله عنه المثل باستمراره في كتابة التاريخ من ساقة الجيش وينزل لأبي عبيدة بن الجراح بطيب خاطر عن الإمرة و القيادة.
الأمثلة كثيرة ...ولكني أخشي أن يكون تسويد الصفحات بأمثلة عبقرية من تاريخ ناصع البياض هو كل ما نجيده، في وقتٍ ماعادت لتشفع لنا فيه مصمصة الشفاه وحرارة الزفرات ونحن مطالبون للمرة الأولي منذ قرون أن نثبت عبقرية ًمماثلة يفترض أن نكون قد استوعبناها جيدا صمن طول قراءة ٍللسنن الشرعية و الكونية وكنا فقط ننتظر بفارغ الصبر وقت ترجمتها علي أرض الواقع مواقفا ًوأفعالا ً.
لن يغفر لنا أحدٌ أن إرهاصات التمكين كانت نواصيها بيدنا ثم تركناها تنسل من بين أصابعنا بمنتهي السهولة...... وقطعا ًلن تبكِ علينا السماء و الأرض بعد أن نولي عن الدنيا وقد فرطنا في اللحظة التي يبدأ المسلمون فيها مرحلة ًجديدة من رحلة استعادة التمكين الضائع... اللحظة النادرة التي لا تكرر في عمر التاريخ كثيرا...لحظة كتابة التاريخ...فهل سنكتب التاريخ؟

هل سنكتب التاريخ ؟ (2-3)

أقول أن الأفغان كانوا علي موعد ٍمع كتابة التاريخ ... يوم أن دُحر السوفييت في جبال قندهاروأودية كابل و مزقوا كل ممزق ، وانتظرالجميع أن ينتقل المجاهدون إلي ساحات جهادٍ من نوع ٍجديد لتطبيق الشريعة الإسلامية وانتشال البلاد من الحالة المزرية التي كانت عليها ، فإذا بالأشقاء يتصارعون فيما بينهم صراعا ًأشد ضراوة ، تضيع معه اللحظة النادرة....... وإن تعجب فعجب ٌأن خانت الرجال َعقولهم أحوج ماكانوا إليها.
فرغم البطولات المبهرة التي سطرها الأفغان طيلة عقد ٍ كامل في حربٍ غير متكافئة ، ورغم الإيمان الذي خالطت بشاشته القلوب آنئذٍ ، ورغم وقوف أغلب المسلمين في ذات خندق أبناء كابل ، إلا أنه ومع لحظات الحرية الأولي ظهر اختلاف الأراء وتنوع الأهواء ، وظهرت الدنيا ممثلة ً في أي الفرق أحق ببسط النفوذ والسلطان ، فتنافس الأفغان الدنيا كما فعل من كان قبلهم فأهلكتهم في أوديتها كما أهلكتهم ، ونزفت أفغانستان كما لم تنزف من قبل و قد تفطر قلبها لوعة ًعلي أبنائها ، ونسي الأشقاء وقتها أو تناسوا (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) فذهبت ريحهم كل مذهب ، ووهنت قوتهم إلي حد أن سال لعاب الذئاب حولهم من جديد.
ومالي لا أتذكر هذه الفاجعة التي لانزال نعاني آثارها إلي يوم الناس هذا، ونحن في مصر علي أعتاب اللحظة الفارقة التي سنجلس فيها لكتابة التاريخ نسمع بين أبناء الفصيل الواحد فضلا ًعن فرق التيار الإسلامي الأخري نبرات الأثرة ورؤية النفس والحقد علي الأقران ترتفع رويدا ًرويدا ًحتي يصم طنينها الآذان.
هل عجز الكثيرون حقا ًعن قراءة الواقع الجديد ، ومااستوعبوا اللحظة النادرة ، ولا بدت لهم ارهاصات التمكين تلوح في أفق ٍقريب فوقفوا عن غير قصد ٍ حجر عثرة ٍ أمام كتابة أبناء الصحوة الإسلامية لتاريخ مصر الجديد ؟ أم أن خلو الساحة من جبارٍ طاغية قد سمح لعورات النفوس أن تعلن عن نفسها بغير مواربة ؟ هل لابد من طريقة (إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر) فإذا لم نحز دورا ًفي المقدمة وقلب المشهد قلبنا المائدة علي رؤوس الجميع ؟ أم يكفي الإنسان إخلاص نية ، وعزم لا يلين ، وعمل دؤوب ، وانخراط ٌ في مجموعٍ كبير وإن كان مغمورًا لم يحز الشهرة ؟

أقول هذا لأن نتن رائحة الفتنة زكّم أنفي و دمعت له عيني ، صحيح ٌأني ما أبرئ منها نفسي ، لكن الأمر ليس أبدا ًبالسهل علي النفس ... ليس سهلا ًأن تري لحظة ًاشتاق لها المصريون قرونا ًوقد باتت قاب قوسين أو أدني من التحقق ولكنها مهددة أن تتحول إلي وهمٍ متبدد بين لحظة ٍوأخري.
وهمٌ يتبدد لأن فلانا ًيري نفسه أحق بالترشح من أخيه ، وعلانا ًينقم علي إخوانه أن همشوا دوره ولم ينزلوه المنزل اللائق به ، وآخرَ آثر أن يكون في وادٍ والدنيا بأسرها في واد ٍآخر، فقبع في برجه العاجي يأصل لبدعية العمل السياسي ، وفريقا ً يدق علي صدره ويرفع عقيرته ليملأ الدنيا ضجيجا ًبأنه هو الأقدم والأعلم و الأكثر خبرة ًبدروب السياسة ، وبإزائه فريق ٌأعجبته كثرته وقال لن نهزم اليوم عن قلة....وللحديث تتمة.

هل سنكتب التاريخ ؟ (1)

أن يكون لك في التاريخ لسان صدق ٍ وثناء ٌعطرٌ تتوارثه الأجيال كابرا ًعن كابر ، أمر ٌ ربما يعجز الكثيرون عن مجرد الحلم به فضلا ًعن السعي وراء تحقيقه ..........فكيف لو حدثتك عن أناسٍ يترك لهم التاريخ نفسه مهمة كتابة مادته و يسلم لهم ناصية مجرياته يوجهونها أني أرادوا؟
ففي لحظات ٍ نادرة قلما تتكرر ، يحدث أن تتجانس عبقرية الرجال مع توافق الظروف الزمانية و المكانية المناسبة ، مسبوقة ً بتوفيق الله سبحانه ،فيتحول مسار البشرية بأسرها .
ولكم انتظر عباقرة كثيرون أن تتضافر هذه الظروف لتسنح لهم فرصة تجديد شباب أمتهم وقيادة زمام أوطانهم ، لكن يشاء الله عز وجل لسعة علمه وبالغ حكمته أن لا يصلوا إلي مثلها وأن تُدخر هذه الفرصة لآخرين ،نبأهم في علم الغيب عنده.
ولمّا كان الله سبحانه إذا أراد شيئاً مهد له أسبابه ، ولربما أيدَّ دينه بالرجل الفاجر وبأقوامٍ لاخلاق لهم ،فلقد كان الطغيان الذي تصاعدت وتيرته في مصر طيلة العقود الماضية أحد الأسباب الممهدة للحظة التاريخية التي نشهدها الآن من حيث لا ندري أو نحتسب .
فحين حصحص الحق وانفجر الشعب المصري بثورته في وجوه الطغاة ،وصبّ جام غضبه علي طبقة حكمٍ ظالمة سامته صنوف العذاب ، ضاق ذرعاً بها وطفح كيله بفسادها غير المسبوق الذي زكّمت رائحته ، وُلدت اللحظة النادرة...... ولأن قدر مصر أن تكون دائما ً القلب النابض لعموم العالم الإسلامي مترامي الأطراف .... وقدرها أن يصد أبناؤها جحافل التتار وتتكسر علي صخورها أمواج الصليبين وتنتهي علي أرضها أحلام الصهاينة... وقدرها أن تكون الملهمة و الموجهة..... وقدرها أن يقوم المسلمون بقيامها و يقعدوا بكبوتها....لأجل هذا القدر ،جاءنا التاريخ مبهور الأنفاس يسلمنا قياده طوعا ً لنكتب فيه ما شاء الله أن نكتب .....
ولكن كتابة التاريخ تحتاج قلوبا ً سليمة وعقولاً واعية وسواعدا ًتعرف كيف تقبض علي المجد فلا تفلته ، لذا كان أبناء التيار الإسلامي علي اختلاف توجهاتهم علي رأس قائمة المرشحين ....وامتلأت المقاعد بالمتفرجين وحبس جمهور العالم أنفاسه وهم ما بين آملٍ في النجاح و مراهن ٍعلي الفشل ليرقب تجربة الإسلاميين تحديدا ً أيصدق أصحابها أم يكونوا من الكاذبين... فيالله.. أي مسؤولية نتحمل!
هل سيكتب أبناء التيار الإسلامي التاريخ حقا ً؟ فينبذوا خلافاتهم ويضعوا نصب أعينهم هدف إصلاح البلاد ونفض الغبار الذي علا ساحتها أم أن بأسنا سيكون بيننا شديدا ًفنتفرغ لصراعات ٍشيطانية و نترك بلادنا تغرق في دوامة فوضي لا آخر لها؟
ارتجف فرقا ً وأنا اجتر تاريخ التناحر الأفغاني بعدما خلت الساحة من الإحتلال السوفيتي البغيض و استبشر المسلمون في مشارق الأرض و مغاربها خيرا ًوباتوا يحلمون بقرب بزوغ فجر الشريعة الإسلامية الصادق ولو علي جزء ٍيسير من أجزاء عالمهم ،فأفاق الجميع علي كابوس انقلاب الأشقاء أعداء ً،و علي رحي المعارك الداخلية الطاحنة التي دارت لتخرج بلدا ًمنهك القوي مشتت العزم مبعثر الأوراق...أحاول أن أطرد هذه الذكري المريرة عن رأسي فما تزيدني غير إلحاح.
لقد كان الأفغان يومهاعلي موعدٍ مع كتابة التاريخ لكن المعادلة أختلت رغم توافر الظروف المواتية ، للأسف لغياب عبقرية الرجال..ولهذا حديث ٌآخر

سداد امرأة !

طالما تأملت مبهور الأنفاس أنموذجين فريدين من النساء ،شاركن بفاعلية منقطعة النظير في ما عجز عنه أعتي الرجال من توجيه دفّة مجتمعاتهن إلي بر الأمان في أحلك المواقف وأكثر الفترات حرجا ًوخطورة.
الأولي علي الترتيب التاريخي وليست في الفضل والمكانة قطعا ً كانت (بلقيس) .......فإن المتأمل لحصافة عقلها وسداد رأيها ، وقد أعطت قومها الدرس البليغ يوم أن استهانوا بقوة نبي الله سليمان - علي عادة العسكر حين تلعب خمر السلطة برؤوسهم فيغتر الواحد منهم بقوته إلي أبعد حد- يعلم إلي أي حد ٍيصل تأثير دور المرأة في مجتمعها.
كيف أنها كانت أذكي الجميع و أنبههم و أبعدهم عن الإعتداد برأي باطل فجاءت معاملتها لنبي الله سليمان في نهاية ٍمن السياسة و الحكمة ، فبعد أن قرأت معطيات الواقع بمنتهي الدقة وساعدها اطلاعها علي سنن الكون من حولها، ومعرفتها الواسعة بتاريخ الأمم و الممالك علي الخروج بحكمة ٍبليغة جنبت قومها ويلاتِ حرب ٍما كانت لتبق من مملكتهم أو تذر فقالت ( إن الملوك إذا دخلوا قرية ًأفسدوها وجعلوا اعزة أهلها أذلة ) فسارت بحكمتها الركبان ، ذلك ان الله عز وجل أمن علي قولها ب( وكذلك يفعلون ) .
ثم لما نزلت ضيفة علي نبي الله سليمان من بعد ذلك ورأت من عظيم ملكه مع عبوديته لله عز وجل ما خلب لبها، آثرت منهج العقلاء بإعلانها الإسلام علي روؤس الأشهاد بغير إبطاء .
وأما الثانية فعن أم سلمة رضوان الله عليها أتحدث ، وليت شعري ما أحوجنا إلي نساء ٍفي مثل رجاحة عقلها وحسن انتباهها و سرعة بديهتها ، فهي التي احتفظت برباطة جأشها يوم أن خانت الرجال أعصابهم من فرط غيرتهم علي حمي الإسلام ، وقت أن استشاط رسول الله صلي الله عليه و سلم غضباً لتباطئ أصحابه غير المتعمد في تنفيذ أمره، فأشارت عليه بالرأي السديد فما كان منه إلا أن استجاب لإرشادها راض ٍغير مستنكفٍ ،ومن ثم أنقذت خيرةالصحابة من هلكة متحققة ، لله درها.
أتأمل في هي سيرتيهما ويحدوني أمل أن أري للمرأة المصرية الواعية دورا ً حقيقيا ً في توجيه دفة العملية الإنتخابية برمتها بإتجاه إحداث التغيير الأكبر في الشارع المصري ، التغيير الذي يحلم به الجميع منذ زمنٍ طويل ...تغيير بلادنا لتصبح الدولة العصرية الحديثة الآخذة بتلابيب التقدم التقني في شتي المجالات ، وهي في الوقت ذاته البلد الإسلامي الذي يمم وجهه شطر طاعة الله عز وجل فأكل أهله من فوق رؤوسهم و من تحت أرجلهم.
ولكي تقوم بهذا الدور فينبغي علي المرأة المصرية أن تكون قناعة مستقلة بدعم مرشح أو مرشحة معينة ، بناء ًعلي معياري الكفاءة والقدرة مع الأمانة والديانة ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ، وسبحان الله فحتي هذه المعاير المنضبطة للحكم علي مرشحي تولي المسؤوليات المختلفة ما نطقت به إلا امرأة واعية ...كانت ابنة الرجل الصالح يوم أن استطاعت بعين الناقد الخبير أن تنزل نبي الله موسي منزله اللائق به وقدمته لوالدها مصحوبا ً بتزكية خاصّة اعتد بها والدها من فوره ثقة ًمنه برجاحة عقلها وحسن اختيارها.

ردا ًعلي مقال (الثقافة فى خدمة اللحى والجلابيب)

ثمة سخرية واضحة تميز لهجة الأستاذ ( سلماوي) لا تخطأها قريحة القارئ ، لكني لن أتوقف عندها كثيرا فلن آسي علي رجلٍ يلمز من استن بهدي النبي صلي الله عليه و سلم و يُعرض بهم هذا التعريض الفجّ وقد أتاه نبأ الأحاديث النبوية المستفيضة التي حثت الرجال من أمة محمد صلي الله عليه و سلم علي الإقتداء بهديه ، إنما الذي استغلق عليَّ فهمه في حقيقة الأمر هو لماذا يضيق السلماوي ذرعا ًبأصحاب اللحي و الجلابيب وهم يمثلون قطاعا ً عريضا ًمن الشعب المصري ؟ أليست الليبرالية في زعم أصحابها تدعو إلي الحرية الشخصية في اختيار المظهر الخارجي فلماذا إذن كل هذا الإنزعاج ؟ هل ضاقت الأرض بما رحُبت فما عادت تتسع إلا لل( الكفرة و الملاحيد ) كما ذكرت يا أستاذ ( سلماوي) أما أبناء التيار الإسلامي المعبر عن حقيقة الشعب المصري و أصل هويته فليس لهم مكان في الساحة الثقافية؟ لماذا يُصرالليبراليون علي لغة الإقصاء العنصرية هذه بكل مفرداتها ؟ إذا كان علي يقينٍ أن بضاعتنا مزجاة ، فليخل ِ بيننا و بين الجمهور وليدعه يحكم بنفسه بدلاً من زعم حماية الثقافة ...هذه ليست حماية ، بل هي محاكم تفتيش ٍجديدة ، وبدلا ً من أن يرحب بصنيع حزب (النور) أن أبدي اهتمامه بالعرس الثقافي الذي يستضيفه الثغر السكندري إذا به يشيع جوا ًغير مبرر من البغضاء.
لطالما انتهج التيار السلفي الإصلاح التدريجي بالحكمة و الموعظة الحسنة ، وتحملنا في سبيل ذلك الكثير من صنوف الإبعاد والتنكيل،لعلمنا بعظم المسؤلية الملقاة علي عاتقنا،ونحن في حلٍ من التأكيد علي مشاركة أبناء التيار الإسلامي في الثورة من أول ما استبان للناس أنها ثورة شعبية حقيقية ... ولو كنت تقصد نزول السلفيين بكل ثقلهم إلي الشارع صبيحة الخامس و العشرين ،ففهمنا للواقع نبأنا أن العالم بأسره فُزع بفعل فاعل من أي تحركٍ إسلامي منظم علي الأرض يهدف إلي القضاء علي مظاهرالطغيان ، فكان لزاما ًأن يأتي تحرك عفويٌ لا يُتخذ أثناءه الإسلاميون ذريعة ً للتنكيل بالشعب المصري كله بزعم القضاء علي ( التطرف) ، وليت شعري فما كنا لنعدم لو حدث ذلك كُتابا ًكالأستاذ ( السلماوي) ، لا يبخل الواحد منهم بكل قطرة حبر من شأنها أن تمزق في الإسلاميين بغير شفقة.

أما الدولة الدينية الثيوقراطية، فكم مرة أعلن حزب ( النور) رفضه القاطع لكل صورها البعيدة كل البعد عن فلسفة الحكم في الإسلام ...هذه دولة تصلح لأوروبا العصور الوسطي ، وقتما كانت شعوب أوروبا المقهورة تنظر إلي ملوكها علي أنهم آلهة لايُعقب علي حكمها ،كان القائد الأعلي للدولة الإسلامية أبو بكر يُذيع بيانه الأول علي الهواء مباشرة ًمن المدينة المنورة ( أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم )
ولا داعي للعزف علي وترالأدباء و المثقفين ، فمعلوم للقاصي و الداني مدي حرص السلفيين علي التحصيل العلمي و نهمهم الشديد للمعرفة ، وما حجم شراء السلفيين للكتب من معرضي القاهرة و الإسكندرية الدوليين إلا ترجمة ًلذلك
وإن قاماتٍ كأمثال الرافعي و محمود شاكرو شوقي والمازني والعقاد وجويدة و شوشة ، ليتذوق السلفيون كغيرهم من ذووي الفطر السليمة أدبهم الرفيع البعيد كل البعد عن إثارة الغرائز أو التطاول علي الشرع الحنيف ، وإن كان مِن الأدباء مَن حاد عن النهج القويم فإننا نكتفي بإسداء النصح له ،و كنا أول من تبرأ من صنيع بعض من استزلهم الشيطان من أبناء الجماعات الإسلامية فوقعوا في دم فرج فودة أو نجيب محفوظ ، فلمصلحة من تُخلط الأوراق ؟
نادر بكار
عضو الهيئة العليا حزب النور

واشنطن إذ تترنح !

ثمة ترنحٍ لا تخطئه العين طرأ علي الأمريكيين هذه الأيام ،إذ يبدو أن طوفان الثورات العربية قد باغتهم بالفعل علي النقيض من ما تروج له أبواق الدعاية الأمريكية ، ففقد القوم صوابهم أو كادوا ... لسيما وأن الطوفان قد أجهز في أيامٍ معدودات علي أنظمة حكمٍ صنعها الأمريكيون علي أعينهم وربوها في حجرهم، فأضحت أثرا ًبعد عين.
وواضحٌ أيضاً أن رقعة الأرض التي تغيرت بشكل ٍ جذري أكبر بكثير من قدرة الأمريكيين علي السيطرة ... مساحة مترامية الأطراف تمتد من تونس في أقصي مغرب العرب وحتي اليمن في جنوب الجزيرة مروراً بمصر وليبيا وسوريا..ودولٌ أخري مرشحة بقوة للإنضمام إلي حبات العقد المنفرط - بالنسبة للأمريكيين طبعا ً - باتت تؤرق مضاجع القوم بشدة .
وماأشبه مشهد الترنح الأمريكي هذا بصورة فتوة البارات الذي لعبت الخمر بعقله - فصاروالزبد يخرج من بين شدقيه والشرر يتطاير من عينيه - يهدد و يتوعد و سمادير السُكْر تصور له أنه قادرٌ علي البطش بالدنيا كلها لو أراد!
هو وحده الترنح كفيلٌ بأن يفسر لنا هذا السيل المنهمر من الإملاءات الأمريكية التي تناقلتها وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية ...... بدءً من رسالة واشنطن إلي الشعب المصري – وبالتأكيد إلي سائر شعوب الربيع العربي- التي تحذر فيها بوضوح صفيق من انتخاب أعداء واشنطن ( الإسلاميين) ، و انتهاءً بصلف وغطرسة مجلس الشيوخ الأمريكي إذ يفرض شروطا ًعلي معونة الذل السنوية من أبرزها طلب الإفراج عن «إيلان جرابيل » المسجون علي خلفية اتهامه بالتجسس مقابل زيادة المعونة الأمريكية لمصر!
المعونة الأمريكية التي مثلت أحد أركان نظام الإستعباد ، نُساوَم عليها الآن وشعبنا ظل يدفع للأمريكيين ملايين الدولارات طيلة العقود المنصرمة علي صورة فوائد ربوية مركبة بما يفوق أموال معونتهم أضعافاً مضاعفة.
هل هو مشهد من بات يشعر أن أوراق اللعبة بالمنطقة تتسرب من بين يديه بتسلسلٍ منتظم ، فما عاد يمسك ب99% منها كما عبّر السادات يوما ًفي خطاب ٍ كان بمثابة الإعلان عن حقبة سيطرة أمريكية لازلنا نتجرع مرارتها حتي الآن؟
لا بأس فليست بأول إمبراطورية تتحطم أحلامها علي صخورنا ، فانكلترا العجوز كانت أشد منها قوة ويوما ً ما كانت تمسك بالأوراق بكلتا يديها ثم تجرعت نصيبها من كأس المرار ،وقد مضي مثلها غير بعيد.
أم أن الحزب الديمقراطي الحاكم لدولة ما وراء الأطلنطي قرر أن يسلك أقصر الطرق فيخلع الأقنعة ، ويواجه بأوراق مكشوفة ويسفر عن وجه العداء الأيدولوجي الحقيقي مع الإسلام بصفة عامّة ، فأتت الرسائل فجّة صفيقة علي النحو الذي وصلنا؟
لا بأس أيضا ً ، بدلا ًمن أن تصدع أمريكا رؤوسنا بإنكارها التمويل المشبوه المحموم للعديد من المنظمات الليبرالية المعروفة بالأسم لتشد من عضدها أمام المدّ الإسلامي الشعبي الجارف.
أياً كان التفسير ، فأعتقد أنه لن يغير كثيرا ً في المعادلة ، بل علي العكس ربما يجعل الأمرأكثر وضوحًا لقطاعات عريضة من الشعب العربي المسلم انخدعت يوماً بمعسول عبارات ( أوباما) وصدقت أن أمريكا بصدد فتح صفحةٍ جديدة تبيض فيها ساحتها أمام المسلمين علي الأخص من بين العالم أجمع.

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

هند رستم...رؤية مغايرة!

الموت دائماً ما يحمل آيات للمتوسمين ، لسيما وأن ما يحتف به غالباً من لوعة الفراق ، و تبدل الأحوال وسيادة الحزن تظل مشاعر فريدة تدفع الإنسان دفعاً إلي التوقف عندها طويلاً ربما أملاً في استلهام العبر.
ولقد هيجت أخبار جنازة هند رستم- أسأل الله أن يرحمها وأن يغفر لها - في نفسي مشاعر عدة بشأن امرأةٍ طبقت شهرتها الآفاق ،فتساءلت ابتداءً:
هل المشهد برمته صورة مصغرة من قوله تعالي ( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) ؟، فالجنازة التي حضرها عددٌ لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من أهل نفس الصناعة الفنية التي انتمت إليها هند أغلب حياتها ، و الذين طالما امتدحوا فنها و تغزلوا بجمالها ، ولهثوا وراء بريق شهرتها و ربما لهم فيها مآرب أخري ، قد خذلوها في أعز أوقات احتياجها إليهم ، خذلاناً نوهت عنه أغلب الصحف التي تناولت الخبر بالتعليق.
جنازة هند رستم تحولت برأيي إلي شاهدٍ عدل ٍ قال للمشخصاتية (الممثلين) في أنفسهم قولاً بليغاً، وهتك الستر – الذي لم يكن في واقع الأمر ثخيناً سابغاً- فاظهر أن أخلاقاً كالوفاء و اتباع الجنازة كحقٍ للمسلم علي إخوانه، نوعٌ من تضييع الأوقات وتوافه الأمور بالنسبة للسادة المشخصاتية أرباب السينما و التلفاز.
استحضرت أيضاً أن العبرة بالخواتيم ، وربما كان المرء قاب قوسين أو أدني من خاتمةٍ تلخص ما كان عليه من سوء طيلة عمره فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها أو العكس. أذكر منذ قرابة الخمسة أشهر أن انتشر لهند رستم تصريح ٌ علي مواقع الإنترنت أذهل كل المتابعين في الوقت الذي كانت فيه الحرب علي أبسط معني الإلتزام بشرع الله سبحانه و تعالي قد استعر أتونها من جديد.
يومها صرحت من كانوا يصفونها بمارلين منرو الشرق في إشارة واضحة لارتباطها بأداء نوعية تمثيليةٍ معينة من أدوار التبذل و استعراض مفاتن المرأة في ردها عن رأيها في صعود الإخوان للسلطة – وهو السؤال المراد لها من ورائه أن تسلك مسلك التيار العام من أهل هذه البيئة شديدة التدني فتسارع إلي رفض التيار الإسلامي جملةً و تفصيلاً بلْه غمز الشريعة نفسها بزعم أن تطبيقها سيعني الكبت و القهر و التضييق لسيما علي أرباب الفجور و الخنا المسمي فناً – غير أن هند قلبت الأمور حينها رأساً علي عقب وباغتت الدنيا بأسرها بغزل صريح في الشريعة الإسلامية وما سيجنيه الناس من رخاء واستقرار جراء تطبيقها بعد عقودٍ متطاولة من التبعية للغرب والشرق و تغييب الضمير وتوحش الفساد علي إثر تغييب الشريعة عن المشهد المصري، وهذه نص كلمتها علي موقع مصراوي بتاريخ 31 /3/2011 :
(أعلنت رستم تأييدها التام لبقاء المادة الثانية من الدستور المصري بسبب حاجتنا للشريعة الإسلامية لتنظيم حياتنا ، موضحة أننا "في حاجة للدين الإسلامي والحكم بالشريعة بعد أن اختلطت الأمور وتاهت القيم لأننا أصبحنا نسير وفق النموذج الغربي وابتعدنا عن الدين" ، وفي نفس السياق أعلنت تقبلها لحكم الإخوان لمصر حيث قالت : "ما المشكلة في حكم الإخوان ؟ أليس الإخوان المسلمين مصريين ولماذا لا نعط الفرصة لأكبر كيان منظم في مصر، وفي حالة عدم التزامهم بتنفيذ ما هو مطلوب لمصلحة مصر «اللي هيخدم بلدي هحطه فوق راسي» ولن تفرق معي هل هو إخوانجي أم لا) ...تصور! كانت هذه الكلمات لهند رستم وليست لداعية سلفي!
قفزت عباراتها تلك إلي ذهني فور سماعي بوفاتها، وبتداعٍٍ طبيعي تذكرت خبر الصادق المصدوق صلي الله عليه و سلم ، إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ.
ورحمة الله التي وسعت امرأةً من بغايا بني إسرائيل سقت الكلب بخفها لا جرم تتسع لأمته هند شكراً لها علي صنيعها ،في وقت ٍ تتلوث أسماعنا أناء الليل وأطراف النهار بأصوات المنتقصين من شأن الشريعة وكأنها شر مستطير سيأتي علي الأخضر و اليابس.
ولكي تتزن النظرة بعد ما قدمنا من الثناء علي موقف هند الأخير فلابد أن نذَكر فتياتنا وأخواتنا ، أن الميت يشيعه في جنازته أهله و ماله و عمله فيرجع الأهل و المال و ما يبقي معه إلا العمل ، و المرأة التي سودت صفحات الجرائد وامتلأت شاشات التلفاز بأخبار أفلامها وصور مفاتنها ولهاث الدنيا ورائها ، قد أفضت إلي بارئها وواري الثري جسدها بعد كبر سنٍ و معاناةٍ مع المرض ، فاندثر الجمال وغيضت النجومية ، هل تحس منها من شيئ ٍ أو تسمع لها ركزاً ؟ فليت شعري لم يبقَ إلا العمل و الأثر ، فجديرٌ بأي ممثلةٍ شابة استحوذ عليها شياطين الإنس أو الجن وزينوا لها سوء عمل التمثيل فرأته حسناً ، أن تفيق من سكرة الهوي وتثوب إلي رشدها لتقف علي حقيقة الدنيا بعدما عاينت مشهد موت هند رستم .

الخميس، 28 يوليو 2011

وصيات مؤتمر حزب النور الإقتصادي الأول ثورة مصرية إقتصادية راشدة ( ثمار-1

كتب نادر بكار
الإقتصاد الإسلامي قادر علي انتشال مصر من أزمتها الإقتصادية الراهنة و دفعها إلي مصاف أكثر الأمم رخاءً وازدهاراً ، وضمان ذلك (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) من ناحية ، وقادرٌ علي تجنيبها حرب الله ورسوله صلي الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )من ناحية أخري.

وحزب النور إذ يؤمن بذلك فإنه يتبني من خلال مؤتمره الأول للإقتصاد الإسلامي ( ثمار-1) التوصيات التالية:

أولاً: تشكيل أول غرفة تجارية إسلامية في مصر بإعتبارها خطوة ضخمة و آلية فعّالة علي طريق الإصلاح الإقتصادي، علي أن تتولي اللجنة الإقتصادية بحزب النور اجتذاب أصحاب روؤس الأموال من أبناء الحزب و من غيرهم علي اختلاف أنشطتهم التجارية لتشكيل الغرفة.

ثانياً: البدء بوضع حجرالأساس لبنك إسلامي يدعمه حزب النور ، ليصبح بمثابة الإضافة القوية لسوق المصارف الإسلامية ، وليلبي في الوقت نفسه رغبات مُلحة يتردد صداها في جنبات الشارع المصري.

ثالثاً : تبني خيار التوسع في تمويل المشاريع الصغيرة و المتوسطة كحل سريع المفعول قادرعلي تشغيل أعداد غفيرة من قطاعات الشباب المصري العاطل عن العمل ، ويضمن في الوقت نفسه لرجال الأعمال نسبة المخاطرة الأقل بالنسبة لرؤوس أموالهم.

رابعاً: فتح الباب أمام كل الإقتراحات المبتكرة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي يقدمها رجال الأعمال لحزب النور، علي أن تتولي اللجنة الإقتصادية بحثها و اعتماد ما يتبناه الحزب منها.

خامساً : تبني الوصول بصوت رجال الأعمال الإسلاميين إلي دوائر صنع القرار في كل ما يمس إزالة العوائق التي تُكبل حركتهم وتعيق استثماراتهم وتحول بينهم و بين تنمية رؤوس أموالهم بالصورة المشروعة.

سادساً : التعاون مع اللجنة القانونية بالحزب لإعداد مسودات القوانين و التشريعات الإقتصادية اللازمة لرفع القيود الجمركية والضريبية التي تضر بالإقتصاد المصري أشد الضرر.

سابعاً : توسيع قاعدة المشاركة في مؤتمر (ثمار -2) لتشمل سائر محافظات مصر ، وعلي أن يُعقد المؤتمر القادم بالقاهرة في غضون الأشهر القليلة المقبلة.

نشكر الحضور الكرام علي تشريفهم مؤتمرنا ونسأل الله سبحانه أن يكللَّ جهودهم مع حزب النور بالنجاح و التوفيق إنه ولي ذلك و القادر عليه،

وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

الجمعة، 1 يوليو 2011

كلمة ألقيتها في المؤتمر التأسيسي لحزب النور



صار شباب مصر بين عشية و ضحاها كالشامة بين الناس يشار إليه بالبنان ، وولي العالم بأسره وجهه شطر هؤلاء الشباب ، يرقب بأنفاسٍ مبهورة كيف سطروا عنواناً جديداً للمجد ، أحسب أن كلمات شاعر النيل لتتضائل عن وصفه كثيراً ، وإن كننا سنرددها من خلفه استعذاباً لوقعها وصداها أن :

سلاماً شباب النيل في كل موقفٍ ####### علي الدهر يبني المجد أو يجلب الفخرا
شبابٌ ترجم معاني حب الوطن التي أشار النبي صلي الله عليه وسلم إليها بقوله يتحسر علي فراق مكة :
( ما أطيبك من بلد ٍ وأحبك إليّ ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك) رواه الترمذي بسند صحيح وحسنه .
ثم حبه للمدينة من بعد ذلك إذ يقول:
( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) أخرجاه في الصحيحين، ترجموا هذه المعاني كلها حركةً علي الأرض نحو إصلاحٍ شاملٍ تدريجي وشعارهم إن نريد إلا الإصلاح ما استطعنا وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه ننيب.
فالشباب الذي عاني طويلاً من الكبت والظلم و الإضطهاد قد خلع عنه ربقة العبودية لغير الله ، فاستقام لهم المنسم ولاح أمامهم الطريق ، فأجمعوا أمرهم وأتوا صفاً واحداً ترفرف راية حزب النور فوق رؤوسهم ، لا يلوون إلا علي رفعة بلادهم وعلو شأنها.
شبابٌ لو كان عز بلادهم في الثريا بعداً لنالته أياديهم ولصنعت منه واقعاً حقيقياً تسير به الركبان.
و النور المبهر الساطع دائماً ما يتصاعد تدريجياً من رحم الظلام الدامس الحالك ، فينتشر رويداً رويداً فما يلبث أن يعمّ الأرض كلها.
لن يكون هدفنا أبداً أن نوجد لمصر مكاناً تحت الشمس ،وإنما سعينا أن تكون بلادنا هي ذات شمس الحضارة التي تنير للعالمين.
معاشر المصريين قد أجيبت دعواتكم ، فاستقيموا علي منهج الإصلاح...فربنا سبحانه لا يضيع أجر المصلحين.
نادر بكار

الخميس، 26 مايو 2011

جمعة ُالصّفاقة !

كتب نادر بكار
يبدو أن ثلة علماني مصر قد ضاقوا ذرعا ًباللعبة الديمقراطية في زمن ٍقياسي أعتقد أنه لم يكن بوسع أحد ٍتخيله .
سريعاً نفد صبر العلمانيين ومعهم متطرفوا الكنيسة و سريعاً أيضاً كشّروا عن أنيابهم لشعبٍ كامل قالت فيه الأغلبية كلمتها إبَّان استفتاء مارس الشهير ، ومرةً أخري ، سريعاً تهاوت كل شعارات الحرية و الرأي الآخر وإحترام ارادة الجماهير .
نعم ... فالدعوة إلي (جمعة الغضب ) - هكذا أسموها ، والحق أن العنوان الرنان صار صناعة ًمصرية ً بامتياز ! - تعبر عن الصفاقة الليبرالية العلمانية في أكثر صورها بذاءةً وعجرفةً ، صفاقة الإحتكام إلي لغة القوة و شريعة الغاب ، صفاقة تحكّمِ الأقلية وسوء أدبها ، وليت شعري لو كانت أمثال هذه الدعوات في دولةٍ كفرنسا مثلاً لرأي هؤلاء هيبةً حقيقية للدولة تردعهم ويثوبوا معها إلي رشدهم سريعاً .
ولم نذهب بعيداً ؟ فحادثة الكونجرس الأمريكي منذ يومين منصرمين فحسب ، قد طار خبرها إلي الآفاق وبهت العالم بأسره حينما رأوا عياناً كيف لا تسمح الولايات الأمريكية التى تدعى دوماً حراسة الحريات في كوكب بأكمله وربما كواكب أخرى ! ، كيف منعت امرأة ًيهودية من مجرد التعبير عن رأيها بحضرة سيئ الذكر ثقيل الحضور بنيامين نتانياهو.
العالم عن بكرة أبيه وقف مشدوهاً يتابع الإعتداء الوحشي علي امرأةٍ واحدة ، وبدلاً من إسراع السيد الأمريكي بالقاء القبض علي الجناة ، اعتبرت الضحية جانياً بمنتهى البساطة ، وسارع رجال (كاوبوي) الـــFBI باعتقالها ببرود ٍلا يحسدهم عليه إلا عصابات المافيا !
بالقطع الأمر ليس مستغرباً علي من يعرف حقيقة القوم ، مهما تعددت الأوصاف و اختلفت الهيئات ، قد تشابهت قلوب الجميع من فرنسا شمالاً و أمريكا في أقصي الغرب ، أفنعيب علي ربائبهم من علماني مصر أن أنتهجوا نفس النهج ونسجوا علي ذات المنوال ؟
أنا فقط مندهش لكم الرعونة الهائل الذي يتحلي به العلمانيون في بلادنا ، فالأحداث عندهم تتعاقب علي نحوٍ مثير ... فتارةً يتزعم (يحيي الجمل) الدعوة إلي صياغة دستورٍ جديد يتولي بالطبع دون غيره مهمة الإشراف عليه ليطمأن هو فضلاً عن سادته إلي انتفاء ِ كل صبغة ٍاسلامية ٍعنه ، وكأني به يضع الناس أمام خيارين لا ثالث لهما حيال هذه الدعوة ، إما أن يستدر شفقتهم عليه بوصفه طاعناً في السن قد ابتُلي بداء الشيخوخة فلم يعد يميز بين الأيام والشهور ! فلا يعرف المسكين أن الشعب قد انتهي من الاستفتاء بشأن هذه المسألة من شهرين كاملين قد انقضيا !
والخيار الآخر أنه يتصور نفسه نداً لشعب ٍ كامل ٍاختارت أغلبيته طريقاً لم يقتنع به (يحيي الجمل) ورفاق دربه ، فأرادوا حمل مصر كلها علي مذهبهم قسراً وعنوةً ، والحقيقة أن الخيارين كلاهما أمرّ من الأخر فأترك للقارئ الكريم حرية الانتقاء بينهما كيفما شاء !
وتارةً أخري يدعون إلي حوارٍ وطني لاتشتم فيه إلا الكيد لتيارٍ واحدٍ بعينه – التيار الإسلامي بكافة أطيافه طبعاً – وكأن القوم فرغوا لتوهم من مناقشة كل القضايا المتعلقة برفعة شأن هذه البلاد ورفع معدلات نموها الاقتصادى ، ليصّدعوا رؤوسنا بحوار ٍلا يهدف إلا إلى العودة بنا إلى جدل ما قبل استفتاء مارس .
وإذا رأيتهم تعجبك شعاراتهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ، فكلهم يدعى حماية الثورة ومصلحة الوطن ... كلهم يدعى وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك !
فأية حماية للثورة تأتى من وراء الالتفاف على رغبة الكثرة الكاثرة من أبناء الوطن الذين اجتمعت كلمتهم على مجلس شعب ينتخبه المصريون لأول مرة بإرادتهم الحرة ، ومن ثم يشترك الجميع فى وضع الدستور الذى يليق بوضع هذه البلاد ومكانتها بين الأمم .
هؤلاء فى حقيقة الأمر إذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض ، قالوا إنما نحن مصلحون ! فإذا لم يكن استمرار الفوضى ورفض رأى الأغلبية إلا فساداً فأى شئ يكون الفساد إذاً ؟!
الله تعالى لا يحب الفساد ويبغض المفسدين ، وما كان ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون .

الخميس، 28 أبريل 2011

الوتيرة ُالمتسارعة

الوتيرة ُالمتسارعة
كتب: نادر بكار

الوتيرة هي الطريقة المطردة ، يقال: ما زال فلان على وتيرة واحدة، أي على طريقة واحدة ونظام واحد ،ويقال: ما زال فلانٌ على وتيرة من أمره، أي على طريقة واحدة ٍواستقامة ، فإذا ما وصفنا الوتيرة بأنها متسارعة عُرف باللزوم أن ثمة َ ما طرأ عليها فأثمر لها سرعة ً جديدة.
ووتيرة ظهور الإسلام ثم التمكين له بدأت بنظر الله إلي الدنيا وهي تموج بالجاهلية الجهلاء فمقتها عربها و عجمها إلا بقايا من أهل الكتاب ظلوا مستمسكين بالحق ، فكان أن أذن الله ببعثة نبيه صلي الله عليه وسلم ، فنجا من الناس من آمن به وسقط في الهاوية من لم يرفع بذلك رأسأً ، وصدع رسوله صلي الله عليه وسلم بالحق غير آبهٍ بصنوف الإيذاء التي لاقاها، ولاقي المسلمون من العذاب ما تشيب لهوله الولدان غير أنهم أ ُمروا بادئ تعرضهم للأذي بضبط النفس و كف الأيدي ، فما زال هذا ديدنه وديدنهم حتي أ ُمر صلي الله عليه وسلم بالهجرة و تبعه في ذلك رعيل الإسلام الأول زرافاتٍ ووحداناً .
وما أن إستقرالمقام بالمهاجرين في المدينة، و أخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم في التوطأة للدولة الإسلامية الوليدة ،حتي كانت (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) أوّل آية أنزلت في القتال تمثل أول تصعيدٍ لوتيرة إنتشار الإسلام وظهوره علي غيره من الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ، فأذن الله سبحانه لأوليائه الذين مزقوا كل ممزق أن يدفعوا عن أنفسهم البغي و العدوان بعد صبرٍ علي الإقصاء والإضطهاد عقداً كاملاً من عمر الزمان.
وبينما المسلمون الأُُول يلتقطون أنفاسهم ويرتبون أوراقهم ، إذ سمعوا بنبأ عيرِ أبي سفيان كما هو معروفٌ مشتهرٌ ، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم و النفر القليل من أصحابه لا يلوون علي شيئٍ إلا علي الظفر بأموال قريش ٍ تعويضاً مشروعاً عما خلفه المهاجرون ورائهم في مكة من أموالٍ ومتاع.
إلي هنا و الأمور كانت تسير علي وتيرة منتظمة وتخطيطٍ إسلامي ٍ يهدف في مداه البعيد إلي إظهار كلمة الله علي كل أخضرٍ ويابس بإنتهاج التدرج في التغيير كما تشربه الصحابة في العهد المكي ، و الظفر بأموال تجارة قريش كان (تكتيكاً ) مهماً في هذه المرحلة لتقوية ساعد المسلمين من جهة وتوجيه ضربةٍ إقتصادية ٍ قاصمة لظهر القرشيين من جهةٍ أخري ، لكن الأمور سارت علي غير ما هوي المسلمون و توقعوا.
فحين خرج المسلمون غير آخذين حذرهم ولا متحرفين لقتال ما يقصدون إلا عير أبي سفيان غنيمةً باردةً فجأهم أن الله تعالي قد قضي أمراً مفعولاً ، و بوغت المسلمون بقريشٍ قد خرجت إليهم بحدها وحديدها بطراً ورئاء الناس ، قد تهيأ فرسانها واستعدوا للصدام المروع.
وهنا نفهم قول الله تعالي (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) في سياق تسارعِ وتيرةِ التمكين للمسلمين يوم بدر، علي غير إختيارِ من الفئة المؤمنة الوحيدة الموجودة في الدنيا يومئذٍ، فإمام المفسرين الطبري يحكي لنا في تفسير هذه الآية التي أتت في معرض تصوير سورة الأنفال لملحمة بدر فيقول :
( ولو كان اجتماعكم في الموضع الذي اجتمعتم فيه، أنتم أيها المؤمنون وعدوكم من المشركين، عن ميعاد منكم ومنهم، "لاختلفتم في الميعاد"، لكثرة عدد عدوكم، وقلة عددكم، ولكن الله جمعكم على غير ميعاد بينكم وبينهم ،"ليقضي الله أمرًا كان مفعولا"، وذلك القضاء من الله كان نصره أولياءه من المؤمنين بالله ورسوله، وهلاك أعدائه وأعدائهم ببدر بالقتل والأسر ، كما حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: "ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد" ، ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم، ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم، ما لقيتموهم، "ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولا" ، أي: ليقضي الله ما أراد بقدرته، من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وأهله، عن غير مَلأ منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه) انتهي كلامه.
ويريد بقوله (عن غير مَلأ منكم ) أي عن تشاور واجتماع ففي حديث عمر حين طعن : " أكان هذا عن ملأ منكم ؟ " ، أي : عن مشاورة من أشرافكم وجماعتكم .
فلو كان المسلمون علي علم ٍ بأن أبا سفيان قد أخذ العير في ناحية البحر فراراً منهم لأقتفوا أثره إلي هناك ولخلفوا جيش المشركين تفادياً لإشتباكٍ غير متكافئ ، ولما تعين عليهم القتال و الحال كذلك ، فذلك قوله سبحانه (لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ) لكراهة الصحابة القتال علي حالتهم تلك من القلة وعدم إعدادهم شيئاً من العدة ، وانحصار هممهم في الظفر بعير أبي سفيان، وذلكم ماعنينا بالوتيرة المتسارعة .
فإن وتيرة الإصلاح التي تواطأت علي فهمها جموع العلماء والدعاة في أصقاع العالم الإسلامي المختلفة ، لا تعرف إلا التدرج في الدعوة إلي سبيل الحق ، مع الصبر علي الأذي و الصد عن سبيل الله الذي مارسه ولازال طغاةٌ كثيرةٌ أعدادهم في أوطان المسلمين ،و استفراغ الوسع في تحصيل الأسباب (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ) للتخلص من الوهن المستشري في جسد الأمة ونفض الغبار عن وسام (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ).
لكن المليك المقتدر أذن بتسارع هذه الوتيرة ، فكان لابد للموازين أن تنقلب رأساً علي عقب ،وتزول عروش الطغاة في أيام ٍ معدودات . تونس في المقدمة وتلتها مصر ولازالت ليبيا علي رأس المرشحين للإنضمام إلي القائمة وتظهر اليمن و سوريا وربما الأردن غير بعيد ،في تسلسل ٍ ماكان للعقول تصور حدوثه بَلْهَ التخطيط له، فكان أن فتسارعت معها الأنفاس مبهورةً ما تستطيع إلي مجاراة الأحداث من سبيل .
والله سبحانه إذا أراد شيئاً مهد له أسبابه ، ولربما أيدَّ دينه بالرجل الفاجر وبأقوامٍٍ لاخلاق لهم ، ومن جنس ذلك فيما نري ، أن يكون الظلم والطغيان و الصد عن سبيل الله سبباً مباشراًمن حيث لا يدري آل الدعوة أو يحتسبوا ، في تسارع الوتيرة وتلاحق الأحداث المنذرة بقرب تحقق ما أخبر به الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم ونقله لنا تميم الداري رضي الله عنه :

)لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ (

فتقفز الدعوة الإسلامية إلي الأمام عشرات الخطوات فضلاً من الله ومنّة ، وتنتهز هذا التسارع في وتيرة عملها ، لتسعي بخطي ً حثيثة قدماً علي درب قيادة العالم بأسره إلي بركات تُفتح في الدنيا من فوق الرؤوسم ومن تحت الأرجل وإلي جنةٍ في الآخرة قد حسنت مستقراً ومقاما.








الاثنين، 18 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

الإصلاح السياسي

تطبيق نظام الشوري وتفعيله علي الوجه الذي يحقق قمة الإصلاح السياسي فيقي البلاد من تبعات حكم ٍ استبدادي لا يعرف حرية إبداء المخالف رأيه في إطار النهج الإسلامي الأصيل الذي يعامل رأس النظام السياسي في البلاد علي إعتباره خادما للشعب يسهر علي خدمته و يحقق أمنه و رخاءه ، و بما يمكن أهل الحل و العقد من محاسبة و تقويم كل مسئول إذا ما أخل بالمهمة الموكلة إليه
مع العمل علي تحرير الإرادة السياسية للبلاد بإعتبارها دولة ً ذات سيادة ٍ كاملة ، لا تخضع لأي إملاءات خارجية و تستعلي علي أي مساعدات أو منح أجنبية تهدف إلي تقزيم دورها الحيوي الذي يمليه عليها انتمائها إلي أمتها الإسلامية ومنطقتها العربية و قارتها الإفريقية و ثقلها الحقيقي عالميا

الاثنين، 11 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

3- الإصلاح التعليمي :

الإسهام في تطوير العملية التعليمية تطويرا ً حقيقيا ً ابتداء ً من مراحله الأساسية و انتهاء ً بالبحث العلمي ، بالسعي إلي تحقيق مناخ تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع الواحد لتحصيل الحد الأدني من التعليم المحقق لمتطلبات سوق العمل ، و ضمان النزاهة في إختيار أساتذة و عمداء الكليات المختلفة ، و السعي إلي الإستفادة من تجارب الدول الرائدة في مجال البحث العلمي و تطوير التعليم و نقل ما يتوافق منها مع أحكام الشريعة الإسلامية.

الجمعة، 8 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

2- الإصلاح الديني
الإهتمام بتحرير إرادة الأزهر باعتباره قمة المؤسسة الدينية في مصر من أي سلطة ٍ خارجية تعيقه من الإضطلاع برسالته المقدسة و التأكيد علي حرية الإنتساب إلي جامعاته لكل أطياف الشعب المصري . ترشيد الخطاب المنبري عبر السعي إلي رفع الكفاءة العلمية الشرعية لخطباء و أئمة المؤسسة الدينية المصرية و عودة المساجد إلي سابق دورها في لم شمل أبناء الوطن في كل حي ٍسكني و مساهمتها في بث الروح الإسلامية و الوطنية الأصيلة في روع الشباب المصري وقاية ً لهم من الوقوع في مزالق الحملات التغريبية وغيرها من الحملات الساعية عن سلخ الشباب المصري عن حقيقة انتمائه وولاءه

السبت، 2 أبريل 2011

الإصلاح الذي نريد

1- الإصلاح الإقتصادي :

رؤية إصلاحية شاملة لإصلاح المناخ الإقتصادي بتغليب مصالح الفقراء و طبقات الشعب الكادحة ضمانا ً لتحقيق العدالة الإجتماعية مع الإلتزام بقواعد و آليات إقتصاد السوق الذي يرفض و ضع القيود و العراقيل أمام الإستثمار بكافة صوره المتماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية سواءٌ في ذلك الإستثمار الأجنبي أو العربي ، مع تشجيع المشاريع الصغيرة و المتوسطة تشغيلا ً للأيدي المعطلة و إنعاشاً للإقتصاد المصري علي طريق عودته لسابق قوته.
جنبا ً إلي جنب مع تفعيل نظامي الزكاة و الأوقاف الإسلاميين لتقليل الهوة السحيقة بين موسري البلاد و فقرائها وتحقيق التضامن الإجتماعي

السبت، 26 فبراير 2011

مقدمة بين يدي مقالات إصلاح النخبة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد ...

فلو لم يكن باعثٌ على إستنهاضِ همتِكَ – وأنت الشابُ الفتِيُّ
ومحفزٌ إلى علوِ إرادتِك – وأنت الفتىَ الذكِيُّ – إلا
قولَه صلى الله عليه وسلم ÷ ( وشابٌ نشأ في طاعةِ اللهِ) لكفاك عن
ما سواه وأغناكَ كي تنفضَ عن نفسِك العجزَ والكسلْ .. وتتحلى
بنبيلِ القيمِ والمُثلْ .. فتنعمَ بِمُطْلَقِ الأمانِ مع زمرةِ المتنعمينَ
بظلِ الرحمنِ في يومٍ تشيب لهوله الولدان ... فكيف الحالُ والشأنْ ،
إذا ما ارتحلت بين جنبات كتاب المنانْ ، لترى فِتْية ً شبابا ً
شمروا عن ساعدِ الجدِ فسبقوا بذلك إلى عالي المجد ، قد رفع اللهُ شأنهم وقدرهم وخلدَّ في الزمان ذكرهم ؟
حتماً ستقفُ مشدوهاً أن ترى فتيةَ الكهفِ آمنوا بربهم
فزادهم هدىً وربطَ على قلوبهم ، قد تركوا حياة القصور
التي ألفوها منذ صغرِهم وهانت ملذاتُ الدنيا في عيونِهم ، ولجأوا
إلى الكهف يفرون بدينهم ، والكهفُ – غير خافٍ عليك – غياباتهُ
مظنَّة لدغاتِ الحياتِ ولسعاتِ العقاربِ ، لكنَّ الإيمانَ
الذي امتلأت به القلوبُ ، قلوبُ شباب الكهف فاض على الألسنةِ
" .. ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيأ لنا من أمرنا رشدا " فكـان
أن استحقوا ثناء ربهم : " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم
هدى " ....... وأنا متأكدٌ أنك ستَفْغَرُ فاكَ إذ
تشاهِدُ مذهولاً غلامَ الأخدود ، من نافذة على ذلك التاريخِ
السحيقِ فتحها لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يحكي الوصفَ التفصيلي بأسلوبه صلى الله عليه وسلم المشوقِ لقصةِ ذلكم الفتى مع قومِه ....
شابٌ في مقتبلِ عُمُره أذل وحده رأس الكفر و الطغيانْ ، صبر بمفرده على ما لاقى من عذاب وهوانْ ، صمم على تحدي الظلمة اللئامْ ، واختار طواعية ً موت الكرامْ ، فكان أن صاح الناسُ :
" آمنا بالله رب الغلام " !
وأُراك الآن تتأمل بأنفاسٍ مبهورةٍ أسامةَ بن زيد ، وعبدَ الله
بن عمر ، وبنَ عباس ، وصهيبَ والمقدادَ ومعاذَ بن جبل وعشراتٍ
من صحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم رعيلِ الأمةِ الأول.. شبابا ً كانوا ، لكن وأيُ شباب ... ملأوا الأرضَ عدلا وقسطا ، بعدما غصَّتْ قبلهم ظلماً وجورا ، سادوا المشارقَ والمغاربَ ، وصعدوا الجبالَ ونزلوا الوديانْ ، في سبيل الواحد الديانْ ،
وهم في ذلك كله لم تعرفْ نفوسهم العجبَ يوماً ولا عرفت
الدعَّةُ إلى قلوبهم طريقا ً ...
أُوَّاه .. حديثٌ ذو شجون ، لكن لشدَّ ما نحتاج إلى
تذكرةٍ به لاسيما في هذا التوقيت الحرج من عُمُر الأمة .. أمةُ الإسلام.
هِيه .. والله أستشعر الفخار يملأ الآن عروقي أن أسطر اسمَها ،
صدري يعلو ويهبط تذكري أني وأنت من أبنائِها .. من أبناء
الأمة التي ما خُلِقَت إلا لتسودَ ، ما عرفتها البشريةُ – إِبَّان فتوتها
وسؤددها – إلا في الطليعةِ ، في المقدمةِ ... " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .. " وسامٌ زين صدرها ...
وسام لايزال موجوداً لكنه فقط يحتاج إزالةَ الغبارِ الذي علاه ...
شيئٌ من الصبر والبذل ، ويتحولُ الصدأُ الذي زحف على الوسام
نوراً يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار .
اقول لك " توقيتٌ حرجٌ " لإن الزمان قد آن له أن يستديرَ
كهيئتهِ الأولى يوم بدلَ الله باُمتنا وجه الأرض ، وعكفَ من ساعتِها
تاريخُ الدنيا يسجل مفرداتِ حضارتِنا الإسلامية ، مضربِ الأمثال
وهادية الضلالِ ، في وقتٍ كانت أوروبا وما والاها تغرقُ حتى
الآذان في شهواتٍ حيوانيةٍ رخيصةٍ ، يمزِقُ بعضُهم بعضاً لأتفهِ
الأسبابِ ولا يعرفُ كبيرُهم فضلاً عن فتيانهم قلما ً ولا كتاب....
قد استدار الزمانُ أخي أو كاد ، لتعودَ لنا الريادةُ وتدور على البغاةِ
الدوائر ..... قد استدار الزمانُ ليفسح المجالَ للعملاقِ الإسلامي
أن ينفضَ عنه النومَ الطويلَ ، ويعودُ أدراجَه لقيادةِ الدنيا إلى
بركاتٍ تُفتحُ عليها من فَوقها ومن تحتِ أَرجلِها ....
صحوةٌ إسلامية مشرقة ٌ قد ملأَ روادُها السهلَ والجبلَ ، قِواَمُها
شبابٌ من أَتْرَابِكَ ، آلمَهُم - كما لاشك قد آلَمكَ – حالُ أمتِهم ،
وغصَّ حلوقَهم ضياعُ بني ملتهم .
دورُك وسطْهم لازالَ شاغِراً يناديك ، شاباً متنسكاً بالكتاب
والسنَّةْ ، قدماك في الدنيا وهمتك في الجنَّةْ ،
  .. مسلمٌ أنت أعظِم بها من مِنَّة !
دورُكَ ينتَظِرُكَ ، فأنت مَن سيقضَي نهارَه عاكفاً على العلم النافع ،
علما ً شرعيا ً تفهم به عن الله مراده ويصيبك من الخيرية سهمُ "
من يردِ اللهُ به خيراً يفقهه في الدين " ، وآخر دنيويا نافعاً
طبا ً كان ، هندسة ً ، أو صيدلة ً لا تعدُ عيناك في أيٍ منها عن
ما تنفعُ به أمتكْ ، طاعة ً لربك وخالقِكْ ..... ثم أنت
مَنْ بعدَ ذلك سيقفُ بين يدي ربه إذا ما الليلُ أرخى سدولَه
مرتجفا ً كعصفورٍ مبللٍ بالماء تتلو خاشعا ً آياتٍ قد حفظتها
عن ظهرِ قلب ، تترنم بالدعاءِ  أنْ يُزيلَ اللهُ عنكَ الكربْ ، وأن
يسبغَ عليك من فضله إنارةً للدربْ ... أنتَ إذن على هدى الأوائل
" ليوثٌ بالنهار رهبان بالليل "
بالتأكيدِ أنتَ ... أنتَ من سيقولُ لقومه ÷ " استجيبوا لربكم
من قبل أن يأتي يومٌ لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما
لكم من نكير " أنت من سيصرخ فيهم مشفقا ً عليهم وراحما ً حالهم
÷ " يا قومنا أجيبوا داعي الله " ... أنت من سيصلحُ في الأرض
بعد فسادِها ليكون من الناجين الفارّين من عذابٍ لا يُبقي ولا يَذر ÷ " وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلَها مصلحون "
من غيرُكَ سيستمسكُ بالكتاب ويقيمُ الصلاةَ ويأمرُ بالمعروف
وينَهِ عن المنكر ؟ " والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة
إنا لا نضيع أجر المصلحين " ... لا أُراه إلا أنت ، فمن سيكون
أحسن قولا ً وأنت تدعو إلى الله ، وتعمل صالحا ً في خاصة نفسك
وتدق على صدرك " أنا من المسلمين "  ؟
اَتَحركَ فؤادُك ؟.. اضطربتْ نبضاتُ قلبِك ؟ .. ألمحُ اختلاجةً
شفتيك ... واضحةٌ ارتعاشةُ بدنِك ... نعم والله
أنتَ أنتَ .....
ولكنَّ هذا الشرف يحتاج إلى ضريبة ، فإن ( سلعةَ الله غالية) ،
فما يكون لك أن تنضم إلى نخبة المصلحين في الأرض ، أولئك
الذين أشرنا إليهم ورغبناك في اللحاق بركابهم  ، إلا بعد
توافر شروط الصلاح فيك أولاً ليكون الإحسانُ عنواناً لكل حركةٍ
وسكنةٍ تبدر منك ، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
ألم ترَ إلى يوسفَ كيف كان الإحسانُ – والذي هو مرادف الصلاح- ملازما ً له في كل مراحل حياته ؟ ، شهد له بذلك صاحبا السجن " نبأنا بتأويله إنا نراك من المحسنين " ، وأكد على نفس الوصف إخوتُه رغم عدم معرفتهم به أولَ الأمر ÷ " فخذ احدنا
مكانه إنا نراك من المحسنين " ومن قبل كل هؤلاء كانت تزكيةُ
الله تبارك وتعالى له ÷ " ولما بلغ أشده آتيناه حكما ً وعلما ً
وكذلك نجزي المحسنين " لذا فلم يكن عجبا ً أن يكمنه في الأرض
لينشر رسالة الإصلاح : " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأُ منها حيث يشاء ، نصيبُ برحمتنا من نشاءُ ولا نضيع أجر المحسنين "
الإحسانُ هو ما تحتاجُ أن تُتْقِنَه الاّن ،   لإن الله " يأمرُ بالعدل
والإحسان " وهو قد كتب الإحسان على كل شيئ " ، فحتى لو صغر الأمر إلى مثل ذبح شاة ، تجده صلى الله عليه وسلم ينبه على معاني الإحسان المتعلقة بذبحها " وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ولِيُحِدَّ أحدُكم شفْرَته وليُرِح ذبيحته "  تنبيها ً على الإحسان فيما هو أعلى من ذلك قدراً وأهمية .
لكيَّ نخطوَ أنا وأنت إذن أولى خطواتنا نحتاج اتقانا ً لمذهب الإصلاح وبراعة ً في صِنعةِ الإحسان ، فلأجلِ ذلك قدمنا بين يدي جمهرةٍ من المقالات تأتي تباعاً بإذن الله ، موسومة ً بــ
" إصلاح النخبة "
ليكون ماثلاً بين عينيك دائماً معنى الإصلاح سلوكاً واعتقاداً وعملاً
سنحاول بها رسم الطريق ، تذليل العوائق ، ردُّ الشبهات وتقوية
العزائم ... سنسمع منك وتسمع منا ... سنتحاور ونتناقش ...
هدفنا في النهاية إصلاح النخبة ... نخبةٌ تتألف من شبابٍ
سيصدق ما عاهدَّ الله عليه من الثبات على شرعه ، والدعوة إلى سبيله ....
نخبةٌ ستتحول تدريجياً إلى تحقيق أمل أمتها في إصلاحٍ شامل على غرار الذي قاده يوماً رسول الله صلى الله عيله وسلم وصحبه الكرام...
نخبةُ الإصلاح .

                           فرغ من كتابته / نادر بكار

                          بين المغرب والعشاء من يوم الجمعة
                          السابع عشر من صفر عام 1432