الأحد، 27 نوفمبر 2011

هل سنكتب التاريخ ؟ (2-3)

أقول أن الأفغان كانوا علي موعد ٍمع كتابة التاريخ ... يوم أن دُحر السوفييت في جبال قندهاروأودية كابل و مزقوا كل ممزق ، وانتظرالجميع أن ينتقل المجاهدون إلي ساحات جهادٍ من نوع ٍجديد لتطبيق الشريعة الإسلامية وانتشال البلاد من الحالة المزرية التي كانت عليها ، فإذا بالأشقاء يتصارعون فيما بينهم صراعا ًأشد ضراوة ، تضيع معه اللحظة النادرة....... وإن تعجب فعجب ٌأن خانت الرجال َعقولهم أحوج ماكانوا إليها.
فرغم البطولات المبهرة التي سطرها الأفغان طيلة عقد ٍ كامل في حربٍ غير متكافئة ، ورغم الإيمان الذي خالطت بشاشته القلوب آنئذٍ ، ورغم وقوف أغلب المسلمين في ذات خندق أبناء كابل ، إلا أنه ومع لحظات الحرية الأولي ظهر اختلاف الأراء وتنوع الأهواء ، وظهرت الدنيا ممثلة ً في أي الفرق أحق ببسط النفوذ والسلطان ، فتنافس الأفغان الدنيا كما فعل من كان قبلهم فأهلكتهم في أوديتها كما أهلكتهم ، ونزفت أفغانستان كما لم تنزف من قبل و قد تفطر قلبها لوعة ًعلي أبنائها ، ونسي الأشقاء وقتها أو تناسوا (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) فذهبت ريحهم كل مذهب ، ووهنت قوتهم إلي حد أن سال لعاب الذئاب حولهم من جديد.
ومالي لا أتذكر هذه الفاجعة التي لانزال نعاني آثارها إلي يوم الناس هذا، ونحن في مصر علي أعتاب اللحظة الفارقة التي سنجلس فيها لكتابة التاريخ نسمع بين أبناء الفصيل الواحد فضلا ًعن فرق التيار الإسلامي الأخري نبرات الأثرة ورؤية النفس والحقد علي الأقران ترتفع رويدا ًرويدا ًحتي يصم طنينها الآذان.
هل عجز الكثيرون حقا ًعن قراءة الواقع الجديد ، ومااستوعبوا اللحظة النادرة ، ولا بدت لهم ارهاصات التمكين تلوح في أفق ٍقريب فوقفوا عن غير قصد ٍ حجر عثرة ٍ أمام كتابة أبناء الصحوة الإسلامية لتاريخ مصر الجديد ؟ أم أن خلو الساحة من جبارٍ طاغية قد سمح لعورات النفوس أن تعلن عن نفسها بغير مواربة ؟ هل لابد من طريقة (إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر) فإذا لم نحز دورا ًفي المقدمة وقلب المشهد قلبنا المائدة علي رؤوس الجميع ؟ أم يكفي الإنسان إخلاص نية ، وعزم لا يلين ، وعمل دؤوب ، وانخراط ٌ في مجموعٍ كبير وإن كان مغمورًا لم يحز الشهرة ؟

أقول هذا لأن نتن رائحة الفتنة زكّم أنفي و دمعت له عيني ، صحيح ٌأني ما أبرئ منها نفسي ، لكن الأمر ليس أبدا ًبالسهل علي النفس ... ليس سهلا ًأن تري لحظة ًاشتاق لها المصريون قرونا ًوقد باتت قاب قوسين أو أدني من التحقق ولكنها مهددة أن تتحول إلي وهمٍ متبدد بين لحظة ٍوأخري.
وهمٌ يتبدد لأن فلانا ًيري نفسه أحق بالترشح من أخيه ، وعلانا ًينقم علي إخوانه أن همشوا دوره ولم ينزلوه المنزل اللائق به ، وآخرَ آثر أن يكون في وادٍ والدنيا بأسرها في واد ٍآخر، فقبع في برجه العاجي يأصل لبدعية العمل السياسي ، وفريقا ً يدق علي صدره ويرفع عقيرته ليملأ الدنيا ضجيجا ًبأنه هو الأقدم والأعلم و الأكثر خبرة ًبدروب السياسة ، وبإزائه فريق ٌأعجبته كثرته وقال لن نهزم اليوم عن قلة....وللحديث تتمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق