الأحد، 27 نوفمبر 2011

عقلية القهر

نزول أبناء حزب النور إلي ميدان التحرير إبان الأسبوع المنصرم كان حتمياً لأسباب ٍ متعددة ، يأتي علي رأسها أن الوضع في ميدان التحرير تحول إلي ما يشبه مذبحةً مصغرة ً نكلت فيها أجهزة الأمن بشباب ٍ في عمر الزهور قتلا ًوسحلا ًوتعذيباً ، بل وحتي الفتيات لم يسلمن من البطش والتنكيل ، وكل ذلك لأن أجهزة الأمن مازالت مصرة ً علي التحلي بروح ( إنا فوقهم قاهرون) بكل حذافيرها ....عقول وضمائرُ رجال الشرطة مازالت ممتلأة ًكبرا ًوتعاليا ً، إذ تظن نفسها قادرةً بنفس أسلوبها القديم علي قمع كل من تسول له نفسه مخالفة أمرها بمنتهي الوحشية ،ويجب ساعتها علي الناس أن تقف صامتة ًلا تحرك ساكنا ً، وإلا فقل لي بربك كيف يمكن أن نفسر مقتل أربعين شابا ً وإصابة الآلاف أغلبهم بعاهات ٍمستديمة في غضون أربعة أيامٍ فحسب من جراء فض اعتصام ميدان التحرير إلا بأن نفسية وعقلية القهر مازالت هي التي تدير الأمور في أجهزة الأمن؟
كان لزاما ًعلينا إذن النزول إلي ميدان التحرير ونحن نري الظلم يكشر عن أنيابه ليفترس أبناء جلدتنا بغير ذنب ٍ اقترفته أياديهم اللهم إلا التعبير عن آرائهم التي لا تروق كثيرا ًلمتخذي القرار ، كان لزاماً علينا أن نلقي وراء ظهورنا أوهام الخوف التي استبدت بنفوس البعض وصورت لها أن السلامة أولي وأن الأمر ما يلبث أن ينجلي وتعود الأمور إلي سابق عهدها ....و للأسف الشديد ما تزال طائفة ٌ من الناس كثير ٌ عددها لم تستوعب بعد أن الدور سيأتي عليها حتما ً لامحالة ليفترسها الظالم بغير رحمة إن لم تقف الآن في صف المظلوم أياً كان انتماؤه ووجهته ، لم تستوعب أن الظلم لا يتجزأ بل يمتد ليشمل الجميع طالما لم يزأر في وجه الظالم أحد ، بل إنها حتي لم تستوعب أن أفضل الجهاد كلمة حق ٍ عند سلطان ٍجائر فبخلت بتوجيه نقدٍ صريح ل(لمجلس العسكري) توبخه فيها علي صمته المريب ودماء الأبرياء تهراق أنهاراً ، وحجة هذه الطائفة المحافظة علي استقرار البلاد وحمايتها من الوقوع في دوامات الفوضي.
نعم ..أتفهم أن أبناء التيار الإسلامي تحديداً معرَّضون أكثر من غيرهم لتحمل تبعات أي أزمة قد تندلع في البلاد ، لذا ينبغي عليهم توخي الحرص والحذر قبل الإقدام أو الإحجام ، لكن الذي أتعجب له حقيقة ً أن يتحول الحذر إلي جبن ٍوتخاذلٍ نسوغ لأنفسنا التلبس بهما ونحن نزعم أن هذا هو الأفضل لمصلحة باقي أبناء الوطن ، ولسان حالنا يردد : فليذهب المعتصمون في التحرير إلي الجحيم لو اقتضي الأمر لنحافظ علي أمةٍ بأسرها....فهمٌ مغلوط عارٌ علينا ان نلتزم به ، لا أقول أن ثورة يناير تكذبه ، بل الشواهد من حولنا كلها تطعن في مصداقيته ، لأن من يجسر علي الفتك بالضعفاء في ميدان التحرير – حتي لو سلمنا أنهم من وجهة نظرنا مخطأون باعتصامهم- من الذي سيحول بينه وبين الفتك بكل أبناء التيار الإسلامي بعد ذلك بنفس فعقلية ( إنا فوقهم قاهرون) ؟ أكره أن استعمل مثالا ًبلي من كثرة تكراره ، لكني لا أجد شاهداً علي ما أقول غير ( أ ُكلت يوم أ ُكل الثور الأبيض)!
ثم إن التيار الإسلامي بكل أطيافه لا بد وأن يتخلص من حالة الإنفصال النفسي التي اختارها بينه وبين باقي أبناء شعبه وإلا فإن ميدان التحرير قد امتلأ عن آخره بأطياف ٍ شتي من الشباب أنا علي يقين أنها لا تعبر عن هوية أو تفكير الغالبية العظمي من شعب مصر ، فكيف تترك لهم ساحة التحريريصورون للدنيا بأسرها أنهم وحدهم القادرون فيها علي النضال ومن ثم إذا ما تكلموا لا بد أن يُسمع لقولهم دون غيرهم ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق