الأحد، 27 نوفمبر 2011

هل سنكتب التاريخ ؟ (3-3)

هو ذا إذن يا رسول الله – صلي الله عليه وسلم- حديثك يتحقق بحذافيره .. فوعد ربك أن لا يستأصل شأفة أمتك عدوٌ من خارجها قد تحقق ولا يزال ، أما أن يكون بأس أبنائها بعضهم علي بعض شديد الضراوة ، فقد حدث للأسف تماما ًكما حذرت.
ولعمر الله لم تنجح خطة ( فرق تسد) مع أحدٍ من العالمين كما نجحت كلما جربت ضد المسلمين علي اختلاف العصور، فدائما ما يجد التربة خصبة ممهدة أيُ شيطان ٍ يريد التحريش بيننا ، دائما ًما نساعده علي النيل منا ببراعةٍ لا يبارينا فيها أحد ، رغم أننا نحفظ جيداً ( واعتصموا بحبل الله جميعا ًولا تفرقوا).
لذا كانت عبقرية الرجال أصلٌ أصيل في كتابة التاريخ.... وعبقرية الرجال تتجلي حينما يسمو الرجال فوق أهوائهم ويرتفع صوت العقل في أعماقهم، ويبذل كل واحدٍ منهم وسعه ، ويلين في أيدي إخوانه ويتغافل عن زلاتهم ويقيل عثراتهم ، فساعتها حدث عن النصر و الفتح القريب، أما بغير ذلك ...فلا تضيع وقتك فستذهب اللحظة النادرة و لا شك.
عن الرجال العباقرة إذن نبحث ، عن الرجال القادرين علي وضع أهوائهم ورغباتهم تحت النعال لو اقتضي الأمر في سبيل هدفهم الأسمي الذي لأجله استعملهم ربهم ، رجال لو كان مجد أمتهم في الثريا ...في أعلي عليين ..لنالته أياديهم.
رجالٌ من عينة نبي الله شعيب ، إذ يحذر قومه مشفقا ًناصحا ًأمينا ً: (يا قومي لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوحٍ أو قوم هود ٍأو قوم صالح) فلا يريد أن تكون عداوة قومه له سبباً في صدهم عن الهدي الذي وُكل بإبلاغه ، ورغم أنهم قد أجرموا في حق نبي ٍبعداوته علي هذا النحوإلا أن تركيزه لم يزل معلقا ًبدعوتهم فأي تجردٍ هذا؟
رجال ٌمن معدن خالد بن الوليد إذ يكتب التاريخ و العالم من حوله مشدوه كيف تهرول أمامه جحافل الجيش الروماني تلعق جراحها والدنيا تنتظر أن يكلل جبين خالد القائد المظفر بأكاليل الغار إذا بأمر القيادة العليا ينزل علي النفوس كالصاعقة بعزل خالد...فيضرب رضي الله عنه المثل باستمراره في كتابة التاريخ من ساقة الجيش وينزل لأبي عبيدة بن الجراح بطيب خاطر عن الإمرة و القيادة.
الأمثلة كثيرة ...ولكني أخشي أن يكون تسويد الصفحات بأمثلة عبقرية من تاريخ ناصع البياض هو كل ما نجيده، في وقتٍ ماعادت لتشفع لنا فيه مصمصة الشفاه وحرارة الزفرات ونحن مطالبون للمرة الأولي منذ قرون أن نثبت عبقرية ًمماثلة يفترض أن نكون قد استوعبناها جيدا صمن طول قراءة ٍللسنن الشرعية و الكونية وكنا فقط ننتظر بفارغ الصبر وقت ترجمتها علي أرض الواقع مواقفا ًوأفعالا ً.
لن يغفر لنا أحدٌ أن إرهاصات التمكين كانت نواصيها بيدنا ثم تركناها تنسل من بين أصابعنا بمنتهي السهولة...... وقطعا ًلن تبكِ علينا السماء و الأرض بعد أن نولي عن الدنيا وقد فرطنا في اللحظة التي يبدأ المسلمون فيها مرحلة ًجديدة من رحلة استعادة التمكين الضائع... اللحظة النادرة التي لا تكرر في عمر التاريخ كثيرا...لحظة كتابة التاريخ...فهل سنكتب التاريخ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق