الاثنين، 3 سبتمبر 2012

ومن ذا الذي ينتظر حكمًا ؟ - اليوم السابع - 6 يونيو 2012

رُكامٌ هائلٌ من الإحباط تزدحم داخله ركاكة الألفاظ مع اللحن فى أبسط قواعد العربية ويضاف إليهما مخالفة بدهيات المنطق السليم، ناهيك عن «عُجمة» فى التعامل مع آياتِ قرآن ٍشهيرة يتداولها القاصى والدانى.. وعلى قمة ذلك كله تخفق راية الظلم البين.. صورةٌ على الرغم من قتامتها، تُلخص ما ظفر به المصريون من خيبة أمل بعد انقضاءِ عامٍ ونصف العام من الثورة كنا نسلى خلالها أنفسنا أن يوماً مشهوداً تقتصُّ فيه الضحية من جلادها آتٍ لا ريب.

ولكى أكون منصفاً فلن أنسب الفضل كل الفضل للحكم «التاريخى» وحده، بل الحق أنه قد سبقه جهدٌ منظم ٌ وسياسةٌ واضحة المعالم تعاور على تنفيذها قنوات ٌ فضائية وصحف ومفكرون وسياسيون ومجالس وهيئات.. كلهم ما قصَّر مشكوراً فى تهيئة المناخ المناسب لاغتيال الثورة بهدوء، بعد دسِّ كمية المخدر المناسبة لتمنع حالة هيجان «الأدرينالين» الشعبى.

سياسيون ومفكرون روجوا علينا ولاءً مزعوماً للثورة، وقنواتٌ فضائية حسبها المصريون بإحسان ظنٍ أنها والثورة جسد واحد، وهم فى الحقيقة كانوا يقومون بواجبهم فى تزييف الوعى الشعبى على أكمل وجه، وبلغ خداعهم مبلغه أثناء معترك الانتخابات الرئاسية فأوهمونا انتهاجهم الحياد ووقوفهم مذبذبين بين المتنافسين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. ثم لمَّا حصحص الحق واستلزمت الأمور مواقف محددة وما عاد إلا خندقان واحدٌ للثورة والآخر لأعدائها، إذا فريقٌ منهم يسفر عن وجهه القبيح ويجاهر بعداوته، وفريقٌ آخر لازال مصراً على سياسة التهوك وإمساك العصا من المنتصف فى وقتٍ يتطلب شجاعة الحسم وإن أورثتك نقمة الناقمين.. جميلٌ جداً أن تتساقط الأقنعة الآن كأوراق الخريف لتستبين سبيل ُالذين يتاجرون بدماء الشهداء وآهات الثكالى، فيحيا من حى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
ومن عجيب الأمر أننا لو بذلنا الغالى والنفيس وعصرنا أذهاننا واستفرغنا وسعنا بحثاً عن فكرةٍ ننفخ بها الروح فى جسد الثورة الغافى، ما كنَّا لنصل أبداً لنفس النتيجة «المبهرة» التى وصلت إليها محاكمة مبارك وأعوانه.. فلعمر الله قد استثار هذا الحكم حفيظة المصريين وألهب حماسهم ووحد صفوفهم بأكثر مما تفعل عشرات الخطب العصماء ومئات الاجتماعات وآلاف المقالات.. لحظة فريدة يتحرر فيها زبانية «أمن الدولة» من قبضة العدالة لعدم كفاية الأدلة، ولو أنصفنا لكان «تواتر» الأخبار عن حياتهم الحافلة بالبطش والتعذيب والتنكيل قائماً مقام الأدلة المادية.. لحظة فريدة قد يكون فيها الحكم بإدانة من فاق أعتى مجرمى الحرب قسوةً ووحشية هو نفس الحكم الذى يحمل فى طياته براءته المتوقعة حال النقض.. لكنها مع كل ذلك ستبقى لحظة فريدة قد تكون فيها الركاكة لا الفصاحة، والعبث لا المنطق والظلم لا العدل مفاتيحَ حريتنا وخلاصنا.. ولله فى خلقه شؤون وتدابير.. أمَّا حكم النقض فمن ذا الذى ينتظره؟ قد فرغ الشعب من النظر فى قضيته ويتداول الحكم الآن فى ميادين التحرير المختلفة، وسيعلن حكمه هادراً مدوياً واجب النفاذ لا يقبل الأخذ والرد فضلاً عن الطعن.. سيعلنه فى مليونيات حاشدة واعتصاماتٍ متوالية لن تبرح الميادين هذه المرة حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق